فلسطين أون لاين

قصة استشهاد الطفل الزاملي برصاص الاحتلال

...
غزة - ربيع أبو نقيرة

"فلتسقط كل المؤامرات تحت أقدام الشعب الفلسطيني"، "فلتسقط كل الصفقات المشبوهة تحت نعال الشهداء"، كلمات صدحت بها إحدى النساء الغاضبات في منزل الطفل علاء الدين الزاملي (15 عامًا).


هذا الطفل ارتقى شهيدًا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في أثناء مشاركته في مسيرة العودة السلمية شرق رفح، في السادس من نيسان (أبريل) الجاري، الجمعة التي أطلق عليها الناشطون "جمعة الكاوتشوك"، وشيع جثمانه آلاف المواطنين.


ولأن العودة حق كالشمس كما يقول الفلسطينيون شاركت عائلة الطفل الزاملي في مسيرة العودة السلمية منذ بدء فعالياتها، وهي موقنة أنها ستعود يومًا إلى مدينتهم الأصلية بئر السبع التي شردهم الاحتلال منها سنة 1948م.


والدته دون أي تردد بعد أن ألقت عليه نظرة الوداع بمنزلهم في مخيم الشابورة برفح أكدت ضرورة استمرار فعاليات مسيرة العودة، والنضال وتقديم التضحيات، حتى تحرير الأرض و"تطهير" المقدسات من دنس الاحتلال الإسرائيلي.


وظلت تردد: "الحمد لله" و"حسبنا الله ونعم الوكيل"، داعية الأمة العربية والإسلامية للتحرك الجاد من أجل نصرة الشعب الفلسطيني، والعمل على تحرير المقدسات الإسلامية.


وافتقد طلبة الصف التاسع بمدرسة "ج" الإعدادية التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بمحافظة رفح الطفل الزاملي، الذي رحل عن مقعد الدراسة.


أما والده الذي استقبل خبر استشهاده بقول: "اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، واجعلنا من عبادك الصابرين" فأعرب عن فخره بأنه أصبح والد الشهيد.


وبين لصحيفة "فلسطين" أنه وزوجته وأبناءه علاء وعبد الرحمن وأمل وعمر شاركوا في انطلاق مسيرات العودة الذي تزامن مع ذكرى أحداث يوم الأرض، قائلًا: "علاء كان جريئًا، ويتقدم صفوف المتظاهرين السلميين".


أما الطفل حسن ابن عم الشهيد فسرد لصحيفة "فلسطين" الدقائق الأخيرة قبل استشهاده، قائلًا: "صلينا العصر في مسجد الرحمة قرب المنزل، ثم توجهنا مشيًا على الأقدام إلى الكراج الشرقي، ومنه ركبنا سيارة أجرة، أوصلتنا إلى دوار المشروع، ثم أكملنا الطريق مشيًا على الأقدام، وتقدر بنحو أربعة كيلو متر".


وأضاف: "لحظة وصولنا إلى المخيم بقينا في الخلف، وعندما قررنا العودة للمنزل مغربًا قال لي: (نريد أن نتقدم الصفوف قليلًا ثم نعود)"، مكملًا: "تقدمنا الصفوف وكنت أقف بجانبه، أطلق جنود الاحتلال عليه طلقات لم تصبه، فعدنا إلى الوراء قليلًا، فقلت له: "نريد العودة للمنزل، وأنت ترى خطورة الوضع"، فقال لي: (أنا فدا الوطن)".


تابع: "قنصه جنود الاحتلال في رقبته، فسقط على الأرض وبقي يكبر: (الله أكبر ولله الحمد)".


حمامة المسجد

الوالد الذي بدا صابرًا قال: "هممت بمغادرة منزل والدتي، حتى جاءني اتصال من أخي يخبرني أن علاء أصيب، فذهبت إلى المستشفى وأمعنت النظر في سرر المصابين، حتى عرفته من بنطاله وهو ملقى على أحد السرر".


وتابع: "الأطباء أخبروني أن إصابته بالغة الخطورة، لاسيما أن الرصاصة اخترقت رقبته وتركت فتحة كبيرة، وأعلنوا استشهاده بعد قليل من الوقت".


ووصف طفله الشهيد بأنه كان "حمامة من حمائم مسجد الرحمة"، يواظب على الصلاة، وخصوصًا صلاة الفجر، وكان شديد الحرص على متابعة شقيقه الأصغر وسؤاله عن الصلوات.


وذكر أنه كان يحب المشاركة في أنشطة المسجد جميعًا، كجمع التبرعات وتنظيف المسجد وحضور دروس العلم، قائلًا: "كان دائم الابتسامة، يحبه كل من حوله، وكان مطيعًا لي ولوالدته".


رحل هذا الطفل جسدًا، لكنه باقٍ بروحه التي تهتف: "آن أوان العودة".