فلسطين أون لاين

​نشر صور المحتاجين في ميزان الشرع

...
غزة - رنا الشرافي

دأب بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة، على نشر صورة لعائلات معوزة مرفقة أرقاما للتواصل معها، على أمل أن يتم مساعدتها من قبل أهل الخير وهو ما قد يحصل بالفعل، وأحيانا يتم تصوير أفراد الأسرة وهم يستلمون المساعدات، ومع ما تحمله هذه المساعدات من تخفيفٍ على الناس، إلا أنها تسبب لهم الحرج ، وتنتهك خصوصيتهم، حتى أن بعض الأسر الفقيرة ترفض الحصول على المساعدة حتى لا تُنشر صور أفرادها على مواقع التواصل وفي الفضائيات.

حول جواز هذا الأسلوب، والطريقة الأمثل لتقديم الصدقة للمحتاجين، يتحدّث لـ"فلسطين" الداعية د. جودت المظلوم، المحاضر في كلية الدعوة، وعضو رابطة علماء فلسطين:

في السر أولى

قال المظلوم: "لا مانع من التصدّق على مثل هذه الحالات التي يتم نشر أسمائها وصورها لتبين مدى حاجتهم للمال، وإن كانت صدقة السر أفضل"، مضيفا: "بعض المؤسسات الداعمة والمتصدقين يشترطون التصوير حتى يتأكدوا من حاجة الأسرة فيقدموا لها المساعدة".

وتابع: "لا مانع من التصوير في حال أن يكون في ذلك حافزا للتصدق، أو يكون فيه زوال شكوك تدخل في نفوس المتبرعين، أو يكون فيه دعوة لفعل الخير والمسارعة إليه ونحو ذلك".

واستدرك: "لكن تصوير الأشخاص ومنازلهم بالطريقة التي نراها محرج لهم، ولذلك إن أمكن عدم نشر الصور، فإن ذلك أولى وأفضل، حتى لا تنقطع تلك المساعدات عن المتعففين الرافضين لنشر صورهم، وهم كثر".

وأكد على أن أصل الصدقة أن تكون في السر، وأن السرية تشمل الطرفين، المتصدق، والمُتصدَّق عليه، لقوله تعالى: "إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ"، كما أن صدقة السر تطفئ غضب الرب، لذلك حثنا رسولنا الكريم على الصدقة في السر.

واستشهد المظلوم بما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله..."، وذكر منهم: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".

وفي هذا الصدد يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "من تمام الإخلاص: أن يحرص الإنسان على ألا يراه الناس في عبادته، وأن تكون عبادته مع ربه سراً، إلا إذا كان في إعلان ذلك مصلحة للمسلمين أو للإسلام، فإذا كان السر أصلح وأنفع للقلب وأخشع وأشد إنابة إلى الله أسرّوا، وإذا كان في الإعلان مصلحة للإسلام بظهور شرائعه، وللمسلمين؛ يقتدون بهذا الفاعل، وهذا العامل: أعلنوه".