بنفاد الوقود تناقصت قدرة مستشفيي بيت حانون والدرة على تقديم الخدمات الطبية بالشكل المعتاد للمرضى، وحول مرضى غرف العناية المركزة فيهما إلى مستشفى النصر للأطفال، لإنقاذ حياتهم، في حين تلقي أزمة الوقود بظلالها على بقية المستشفيات.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة الأربعاء الماضي: "خدماتنا الصحية في انحسار مستمر، بعد توقف عدد منها في مستشفى بيت حانون ومستشفى الدرة للأطفال، وتحويل مرضاهما إلى المستشفيات الأخرى بسبب نفاد الوقود، وبضع ساعات تفصلنا عن توقف المولد الكهربائي في مستشفى الطب النفسي".
وأعلن القدرة على صفحته في موقع (فيس بوك) توقف المولدات الكهربائية بسبعة مراكز صحية في قطاع غزة بسبب نفاد الوقود، هي: مركز الصوراني، والقومسيون الطبي، والمؤسسة الطبية، وإدارة صحة غزة، ومركز عبسان الكبيرة، والعطاطرة، والمعاقين حركيًّا.
وفي مستشفى بيت حانون أغلقت أقسام العمليات والمبيت، لحاجتها إلى كميات كبيرة من الوقود، في حين عمل المستشفى بنظام الطوارئ للأطفال والباطنة والجراحة.
قال مدير المستشفى د. جميل سليمان لصحيفة "فلسطين": "لدينا 66 سرير مبيت و35 سرير رعاية يومية ونهارية، ويقدم المستشفى خدماته لنحو 55 ألف نسمة من سكان مدينة بيت حانون في أقسام الجراحة والباطنة والأطفال".
ويستقبل مستشفى بيت حانون يوميًّا ما يزيد على 200 حالة في قسم الاستقبال وفي العيادات الخارجية، إضافة إلى إجراء 60 عملية جراحية في غرف العمليات أسبوعيًّا، ويمكث في قسم المبيت 10 -12 حالة يوميًّا.
وأضاف سليمان: "حولنا حالات المبيت إلى مستشفى النصر للأطفال والمستشفى الإندونيسي، وأخرجنا الحالات التي شفيت إلى منازلهم".
وأشار إلى توقف خدمات قسمي الأشعة والتحاليل عن العمل، واضطرار الكثير من المرضى إلى الذهاب إلى المستشفى الإندونيسي لإجراء التحاليل اللازمة.
وبين أن المستشفى يعمل على توفير السولار باتباع خطة تقشف.
انتهاء المخزون
ولا يختلف الحال كثيرًا في مستشفى الدرة؛ فقبل انتهاء مخزون الوقود فيه أطلقت إدارته مناشدات عدة لحل أزمة الوقود قبل أن تتفاقم.
وقال مدير المستشفى د. ماجد حمادة: "بعد كل النداءات التي أطلقناها توقف المستشفى عن العمل تقريبًا، وبموجب الخطة البديلة التي بدأنا اتباعها سنعمل على تقليص الخدمات في المستشفى، وحصرها في الخدمات التي يمكن تقديمها بالاعتماد على الخلايا الشمسية التي لا تفي بربع حاجة المستشفى".
وأضاف حمادة لصحيفة "فلسطين": "بهذه الخطة نعمل على إطالة أمد الخدمة الصحية"، مكملًا: "أوقفت الخدمات في قسم العناية المركزة، ونقل خمسة أسرة منه إلى مستشفى النصر للأطفال، وعلى خطورة الوضع الصحي الذي تعاني منه هذه الحالات وحاجتها للتنفس الصناعي في كل دقيقة لم نستطع إكمال تقديم الخدمات لها في هذا الوضع".
وتابع: "صعب علينا جميعًا أن نكون في هذا الموقف"، مبينًا أن عدد المستفيدين من هذا المستشفى يصل إلى 200 ألف مواطن، نصفهم من الأطفال.
وبين أن قسم العناية المركزة لا يخضع لموقع جغرافي، وتحول الحالات إليه من المستشفيات كافة في شمال القطاع، وأن توقف التيار الكهربائي مدة طويلة يعني احتمال وفاة هؤلاء المرضى.
وفي خطة التقشف التي سيلجأ إليها مستشفى الدرة خلال المدة المقبلة دمج للأقسام، خاصة المبيت والرعاية اليومية، وقد يؤثر ذلك على جودة الخدمات المقدمة للمرضى، مع اشتداد حاجة المواطنين للمستشفيات الحكومية، في الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها القطاع، بحسب ما ذكر حمادة.
لكن مدير "الدرة" بيّن أن المستشفى سيعمل مع كل الصعوبات على الحفاظ على حياة المرضى، قائلًا: "مدركون تمامًا أن هذه الأزمة ستربك العمل وتزيد علينا الأحمال، وهذا أمر مزعج ومؤلم للمرضى كافة".
وأضاف: "أرسلنا طواقمنا الطبية لمساعدة زملائهم في مستشفى النصر، ولكن _يا للأسف!_ مستشفى الدرة سيتوقف عن تقديم الخدمة لما يزيد على 180 حالة تتردد يوميًّا إليه، وحالات المبيت التي تصل إلى 15 حالة يوميًّا".
وعلى وفق ما أفاد حمادة ستضطر إدارة مستشفى الدرة إلى العمل بالجزء البسيط المتوافر من البطاريات التي كانت تعمل في العناية المركزة، وتقديم الخدمات للمرضى بمحدودية إلى حين تحسن الوضع وتوريد السولار اللازم للمستشفى.
من جهته بين المدير العام للرعاية الأولية في وزارة الصحة د. ماهر شامية أن وزارة الصحة تعتمد كليًّا على التيار الكهربائي في تقديم الخدمات للمرضى، مؤكدًا أن أي انقطاع فيه _ولو مدة بسيطة_ يحدث شللًا كاملًا في عمل المستشفيات.
وقال شامية لصحيفة "فلسطين": "المنظومة الطبية قائمة على عمليات تشخيصية، فلا يمكن استقبال المريض دون أن يطلب منه صورة أشعة، أو بعض التحاليل اللازمة لتشخيص الحالة"، مضيفًا: "إن قطع الكهرباء يسبب إرباكًا في العمليات الجراحية، حتى في أقسام العناية المركزة يحتاج المرضى للأكسجين، وغيرها من الخدمات التي لا يمكن تقديمها دون كهرباء".
وذكر أن ذلك ينطبق على الرعاية الأولية من مختبرات وتعقيم وأجهزة فحص، قائلًا: "الكهرباء جزء أساسي لا يمكن المناورة فيه أو تهديد حياة المرضى بسبب نقصه".
وبيّن شامية أن "الصحة" بدأت تنفيذ الخطة "ب"، وبدأت تقنين كمية الوقود المستهلكة حتى السماح بإدخاله مرة أخرى.
وقال: "لم نغلق مستشفيات، ولكننا قلصنا الخدمات، واقتصرت على الطوارئ وبعض خدمات المبيت، وكذلك مستشفى الدرة ستقلص الخدمات فيه، أما مراكز الرعاية الأولية فسنعمل فيها حتى آخر قطرة وقود".
وختم شامية: "في حال استمر الوضع على ما هو عليه قد تضطر "الصحة" إلى دمج المراكز المتقاربة، لاسيما في إطار المناطق الواحدة"، لافتًا إلى أن المجتمع المحلي والمؤسسات الداعمة لابد أن يكون لهما دور إيجابي في حل هذه الأزمة.