فلسطين أون لاين

الطفل الجنيدي: صورة اعتقالي فضحت الاحتلال

...
الخليل / غزة - يحيى اليعقوبي

"أيقونة انتفاضة القدس"، "الطفل الأسطورة"، بتلك الألقاب عرف الطفل الفلسطيني فوزي الجنيدي (16 عامًا) من مدينة الخليل حينما ظهر محاطًا بـ23 جنديًا إسرائيليًا معصوب العينين، منهك الجسد من أثر الضرب، مضرجًا بدمائه، والأهم ورغم ذلك أبدى تحديًا في مشيته لحظة اعتقاله في السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري من منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل. تلك الصورة التي خرجت للعالم كانت كفيلة بإحداث تفاعل محلي وعربي ودولي معه، وأظهرت إجراءات الاحتلال الوحشية بحق الأطفال الفلسطينيين.

"ذهبت لمنطقة باب الزاوية لإحضار بعض الأغراض اللازمة لي".. بها بدأ الطفل الجنيدي حديثه لصحيفة "فلسطين" بعد اعتقال قسري دام واحدًا وعشرين يوماً في سجن "عوفر"، انتهى بالإفراج عنه منتصف ليلة الثلاثاء الماضي، وذلك بعد قرار من محكمة السجن ذاته بدفع كفالة مالية تقدر بنحو10 آلاف شيكل، وحضور جلسة المحاكمة التي ستعقد له منتصف الشهر القادم.

باب الزاوية

يعود الجنيدي في حديثه لـ"فلسطين" إلى لحظة نزوله لباب الزاوية بمنطقة الخليل، فيقول: "عندما تواجدت هناك حدثت مواجهات بين قوات الاحتلال ومشاركين في مسيرة ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال".

ضرب بقنابل الصوت والغاز، هكذا كان المشهد حينها، ويروي تلك اللحظات التي أصبحت فارقة في حياته: "شعرت بالخوف من ذلك وبدأت الركض للابتعاد عن المنطقة لكنه تم اعتقالي في كمين من أحد الجنود، ثم جاءت كتيبة كاملة مكونة من 23 جنديا استمروا بضربي لنحو خمس دقائق".

اقتاد جنود الاحتلال الجنيدي، تبعا لروايته، إلى منطقة تسمى حاجز "الكونتينر" وسط الخليل، وأدخل إلى غرفة بالحاجز، وعاد الجنود لضربه مرة أخرى مع توجيه شتائم وألفاظ نابية وسكب مياه باردة عليه.

وأضاف: "بعد أن أجلسني الجنود بجانب شبان آخرين معتقلين بدؤوا بضربنا على رؤوسنا بالبنادق، وقاموا بسحبي من وسط الشبان وأرغموني على الجلوس فوق بركة مياه لمدة 20 دقيقة".

وما إن وصل الجنيدي سجن "عوفر"، حتى حظي بترحاب من قبل الأسرى وقدموا له الملابس وكل ما يحتاج رغم أنهم لا يعلمون بتفاصيل ما جرى معه وحقيقة انتشار صورة هذا الفتى، وبدأت مرحلة التحقيقات.

تهمة وتحقيقات

"إلقاء حجارة ومشاركة بالمسيرات".. هما التهمتان اللتان وجههما المحققون للجنيدي الذي بدوره نفاهما، بنبرة صوت بدا عليها التعب من أثر الاعتقال يكمل: "نقلني جنود إسرائيليون لأحد مشافي القدس وهناك جرت فحوصات دون تقديم أية إسعافات أولية، وحينما عدت لسجن عوفر قدمت شكوى للمسؤولين عن قسم الأشبال من الأسرى الفلسطينيين الذين طلبوا من إدارة سجون الاحتلال نقلي للمستشفى نظرًا لسوء حالتي الصحية وفي إثرها تقرر نقلي للمستشفى".

"اعترف بلاش أضربك.. بلاش أخليك تسجن فترة طويلة".. هكذا كان الجنود يهددون الفتى الجنيدي في أثناء الذهاب للمستشفى، وهناك أجريت فحوصات جديدة تبين وجود كسر في عظام الكتف سبب ألمًا شديدًا له.

وعاش الفتى الصغير 21 يومًا صعبًا عاش تفاصيلها في سجن "عوفر".. حرمان من دفء وحنان الأهل والبعد عن منزل ترعرع فيه منذ الصغر، انتظار جلسة المحاكمة يبدأ من الساعة السابعة صباحًا حتى العشاء، أصوات صاخبة متعمدة وإضاءة أنوار الغرفة، هذا حال الجنيدي داخل السجن.

هل تفاجأت بصورتك التي حظيت بانتشار كبير؟ احتسى جرعة من صمت وأجاب مبتسمًا: "رأيتها أول مرة في جريدة عبرية كانت موجودة داخل السجن، لم أتوقع أن تكون ملتقطة ومنتشرة وساعدتني الصورة كثيرا في الحكم، وكشفت معاملة جيش الاحتلال لأبناء الشعب الفلسطيني.. وأشعر بالفخر من حجم التضامن والتفاعل معها".

البعد عن الأهل هو أكثر شيء تأثر به "أيقونة الانتفاضة"، ويزيد: "البعد عن الأهل كان صعبا، شعرت كيف يعامل الاحتلال الأطفال والشيوخ والنساء ويبعدهم عن عائلاتهم".

والد الجنيدي استهجن في حديثه لصحيفة "فلسطين" الاعتداء على نجله من قبل 23 جنديا إسرائيليا بالضرب المبرح، والتي نتج عنها كسور بالكتف ورضوض مختلفة بأنحاء الجسم".

وتساءل: "ماذا فعل طفل صغير كي يستخدم جيش الاحتلال أساليب قمعية عنيفة بهذا الشكل؟ "سنقدم شكوى قانونية ضد هذا الاعتداء".