تعود مخططات التهويد الإسرائيلي للمسجد الأقصى المبارك، لأكثر من 50 عامًا -أي قبل احتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس عام 1967- وذلك بهدف تحقيق المزاعم الإسرائيلية والروايات التلمودية في بناء "الهيكل" المزعوم.
ومنذ وقوع مدينة القدس ومسجدها المبارك، تحت الاحتلال الإسرائيلي، يسعى الأخير للسيطرة الكاملة عليه بشتى الطرق والوسائل، رغم الوصاية الهاشمية على المقدسات في مدينة القدس، والقرارات الدولية.
ويستذكر المختص في شؤون القدس، جمال عمرو، أن الأطماع الإسرائيلية تعود لما قبل عام 1967، حينما كانت "المنظمات اليهودية" تأتي عبر شخصيات فرنسية وأمريكية للبحث عن ما يسمى "الآثار اليهودية".
وأشار عمرو، لصحيفة "فلسطين" إلى أن الأطماع التاريخية في المسجد الأقصى قديمة، فعملوا ما يسمى "الثورة النكابية"؛ بهدف إشاعة أجواء من الفوضى في المدينة لتحقيق أطماع تلمودية، نابعة من مقولات قياداتهم بأنه "لا معنى ولا قيمة لدولة (إسرائيل) دون القدس (أورشليم) ولا قيمة لها دون الهيكل".
ونوه إلى أن الاحتلال وأذرعه عمدوا على تدمير حي المغاربة، الذي كانت الأردن تريد ترميمه، وفي عام 1967 دمر حي المغاربة وحي الشرف، ودمر بذلك 230 بيتًا ومدرسة ومسجدًا، وما تبقى منها أعادوا بناءه واستوطن فيه 2000 مستوطن وأطلقوا عليه "الحي اليهودي".
وفي أعقاب سقوط مدينة القدس، والقول للمختص المقدسي، شرعت حملات يهودية خطيرة جدا بذريعة التنقيب عن الآثار استخدمت فيها وسائل تدمير لحضارة عمرها 6000 سنة، وبناء أنفاق على أقدم نظام مائي في العالم، حيث تمت توسعة القنوات المحفورة في الصخر لتتحول إلى "فجوات ثم أنفاق وبعدها كنس يهودية".
وقال: إنه "يتم تفويج ملايين المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى، وزيارة الأنفاق التهويدية أسفله (مدينة داود)"، عوضًا عن السيطرة على كامل القصور الأمومية والعباسية في محيطه، إضافة إلى بناء 102 كنيس معظمها تحت الأرض وقليل منها فوق الأرض؛ بهدف تغطية شكل المسجد الأقصى من الناحية الغربية، علما أنها شكلت اختراقًا لمساحات معينة تحت الأقصى وسببت انهيارات أرضية داخله.
ونوه إلى أن أطماع اليهود لم تقتصر على الأرض فقط، بل بدأت داخل المسجد بالسيطرة على مفاتيحه 1967م، وعلى إثرها بدأت تتقلص الوصاية الأردنية، وبدأت تأخذ منحى خطيرًا في تحديد مسارات لاقتحامات المستوطنين، ثم السيطرة العسكرية على أبوابه ووضع الكاميرات ونصب الحواجز، وتحديد أعمار المصلين، وسياسة العقوبات بحق المرابطين.
وأضاف عمرو: هناك أطماع إسرائيلية استثنائية بالسيطرة على باب الرحمة، فهناك محاولات للحفر تحته، "فباب الرحمة هو باب كبير ومغلق من أيام صلاح الدين الأيوبي، وإذا فتح يفتح إلى خارج مدينة القدس، حيث يمكن للمستوطنين في هذه الحالة الدخول منه إلى المسجد الأقصى مباشرة والوصول إلى قبة الصخرة".
وأكد أن قوات الاحتلال قامت بالسيطرة على مقبرة باب الرحمة والمقبرة اليوسفية.
وحذر عمرو من أعمال تهويد غير مرئية يقوم بها الاحتلال وأذرعه تحت المسجد الأقصى، بناء على أطماع يهودية في كامله وليس جزءًا منه، ولا سيما أنهم يطالبون حاليا بالسماح لهم باقتحام الأقصى من جميع الأبواب وليس فقط من باب المغاربة وبكل الأوقات.
ودعا المقدسي جميع أبناء شعبنا وقواه لدعم صمود المقدسين، والعمل بشكل موحد لمواجهة مخططات الاحتلال ومشاريعه التهويد في القدس والأراضي الفلسطينية.
نزع الهوية
من جهته، أكد أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لحماية المقدسات في القدس، حنا عيسى، أن تهويد المدينة المقدسة من قبل سلطات الاحتلال تأتي بهدف نزع الهوية العربية الإسلامية التاريخية، وفرض طابع مستحدث جديد وهو الطابع اليهودي.
وأوضح عيسى لصحيفة "فلسطين" أن هدف المشروع الصهيوني، هو جعل القدس عاصمة لـ"دولة يهودية وبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى".
وبين أن الاحتلال من أجل تحقيق هدفه يمعن في انتهاك المدينة ومسجدها وكل رمزية تدلل على عروبة وإسلامية مدينة القدس، مدلا بتغيير سلطات الاحتلال أسماء الشوارع والأماكن العربية الإسلامية إلى أسماء عبريّة تلموديّة، وتحويل المعالم الإسلامية والمسيحية إلى معالم يهودية.
وأشار إلى أن الاحتلال يعمل على تكريس الوجود اليهودي داخل القدس والمسجد الأقصى عبر اقتحامه يوميًا، والوجود فيه بكثافة أيام الأعياد اليهودية، عوضا عن تدخل قوات الاحتلال في صلاحيات الأوقاف الإسلامية، ومنع المصلين من الوصول إليه، واحتجاز البطاقات الشخصية للفلسطينيين.
وقال عيسى إن الاحتلال يمعن يوميًا في تهويد المسجد الأقصى، عبر منع المصلين من الأراضي المحتلة عام 48، أو أهالي قطاع غزة، أو الضفة الغربيّة، وحتى المقدسيين أنفسهم من الوصول للمسجد والصلاة فيه.