فلسطين أون لاين

واشنطن تمارس ضغوطاً على الفلسطينيين عبر قرارات "عنصرية"

​هل يستطيع مجلس الأمن إدانة أمريكا؟

...
مجلس الأمن (أرشيف)
غزة - نور الدين صالح

اعتادت الإدارات الأمريكية طيلة السنوات الماضية على إصدار قرارات مؤيدة لـ (إسرائيل) على حساب القضية الفلسطينية، في محاولة منها لفرض مزيدٍ من الضغوط على الفلسطينيين والسلطة.

لكن الملاحظ أن الإدارة الأمريكية التي يقودها دونالد ترامب تغولت أكثر من سابقاتها في إصدار قرارات أكثر عنصرية، كونها تنحاز لـ(اسرائيل) علناً، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الدولية.

ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن الدولي، اليوم، مشروع قرار تقدمت به مصر يقضي باعتبار القرارات المتعلقة بتغيير وضع مدينة القدس ليس لها أي أثر قانوني، ويجب سحبها.

ويؤكد مشروع القرار "أن أي قرارات وتدابير تهدف إلى تغيير هوية أو وضع مدينة القدس أو التكوين السكاني للمدينة المقدسة ليس لها أثر قانوني، ولاغية وباطلة ولا بد من إلغائها التزاما بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".

خمسة قرارات مفصلية

وأبرز القرارات المنحازة لـ(إسرائيل) التي اتخذها ترامب منذ توليه الرئاسة الأمريكية في شهر يناير من العام الجاري، إعلان مدينة القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، وهو ما أثار غضباً دوليا وعربياً وإقليمياً رفضاً له.

وعقب القرار خرجت مئات الآلاف من المظاهرات في مختلف دول العالم، رفضاً وتنديداً بالقرار الذي أطلقوا عليه "وعد بلفور 2"، فيما لا تزال الأراضي الفلسطينية تعيش أجواء من الغضب، اندلعت على إثرها مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في الضفة وغزة، ولا تزال مستمرة إلى الآن.

وسبق ذلك قرار الإدارة الأمريكية بنقل سفارة واشنطن من (تل أبيب) إلى مدينة القدس، مما أثار جدلاً دوليا وعربياً واسعاً رفضاً لتطبيقه.

وظل هذا القرار يتردد بشكل كبير عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية، وجرى مناقشته من القيادات العربية والإسلامية، إلا أنه لم يتم تنفيذه فعلياً على أرض الواقع حتى اللحظة.

كما أقر مجلس النواب الأمريكي، مشروع قانون بتخفيض المساعدات الأمريكية المالية المقدمة إلى السلطة الفلسطينية سنوياً.

ويستهدف القانون إجبار السلطة الفلسطينية على وقف دفع رواتب لأسر الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فيما يتعين أن يقر "مجلس الشيوخ الأمريكي" التشريع أيضًا قبل أن يوقعه الرئيس دونالد ترامب لكي يصبح قانونا.

وسبق ذلك أن هددت الولايات المتحدة منظمة التحرير الفلسطينية بإغلاق مكتبها في العاصمة الأمريكية واشنطن ما لم تدخل في مفاوضات تسوية جدية مع (إسرائيل)، بحسب وكالة أسوشيتد برس الأمريكية.

وسبقه أيضاً اعتراف البيت الأبيض بأن حائط البراق الغربي للمسجد الأقصى جزء من دولة الاحتلال.

ويتناقض الاعتراف تماماً مع ما جاء في وثيقة تاريخية تقر فيها بريطانيا عبر مرسوم ملكي، بأحقية المسلمين وحدهم بحائط البراق، وذلك إبان احتلال فلسطين الذي بدأ بانتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1917، واستمر حتى إعلان قيام دولة الاحتلال سنة 1948.

تجدر الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية اتخذت العديد من القرارات التي تشجع (إسرائيل) على الاستمرار بسياسة الاستيطان ونهش الأراضي في مدن الضفة والقدس المحتلتين.

خطر على القضية

ولا شك أن مثل هذه القرارات تلقي بظلالها الخطيرة على الفلسطينيين وقضيتهم، لاسيما أن الولايات المتحدة تعد نفسها راعية عملية التسوية في الشرق الأوسط، وفق قول المحلل والمختص في العلاقات الدولية د. أشرف الغليظ.

وأكد الغليظ خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن القرارات الأمريكية تنسف بصيص الأمل الموجود لدى الفلسطينيين، بحل الدولتين وإمكانية إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وأوضح أن الولايات المتحدة هي الداعمة للسلطة الفلسطينية مالياً، لذلك فإن مثل هذه القرارات ستؤثر على المساعدات المُقدمة من الولايات المتحدة لها، خاصة في ظل عدم وجود مصادر دخل للشعب الفلسطيني، مما يخلق أزمة مالية لديها.

وبحسب الغليظ، فإن أمريكا تمتلك حق الفيتو في مؤسسات المجتمع الدولي، لذلك لن تستطيع الدول العربية والإسلامية تقديم أي قرارات ضدها، مشدداً على أنها "لم تعد شريكاً للسلام بعد كل هذه القرارات"، وفق قوله.

ولم يستبعد الخبير في العلاقات الدولية، إقدام الولايات المتحدة على إصدار المزيد من القرارات المُعادية للقضية الفلسطينية، والدول العربية كافة.

وعبّر عن أسفه، من أن غالبية قادة الدول العربية ترتمي في أحضان الولايات المتحدة، وتنصاع لأوامر ادارتها، مما يجعل الأخيرة تمارس عليها ضغوطاً، مطالباً السلطة الفلسطينية بالانسحاب من عملية التسوية.

مجلس الأمن

ويشير المستشار القانوني في المرصد الأورومتوسطي في السويد د. إحسان عادل، إلى وجود خيارين أمام مجلس الأمن يتعلقان بإصدار قرار يعتبر الإعلان الأمريكي حول القدس باطل.

وقال عادل خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، إنه "في حال استطاع مجلس الأمن تحييد أمريكا فيما يتعلق بأخذ القرار كونها طرفاً في النزاع، من الممكن الخروج بقرار يطالب الولايات المتحدة بالتراجع عن قراراها بشأن القدس، وإظهار مخالفته للقانون الدولي".

وأضاف أنه "في حال عدم استطاعة مجلس الأمن بتحييد أمريكا كطرف نزاع، وبقيت جزءاً من مناقشة القرار، بالتأكيد لن يستطيع الخروج بقرار".

ورّجح عادل الخيار الثاني، كون أمريكا ستستخدم حق النقض (الفيتو) ولن تسمح بصدور قرار يدينها، ويؤكد مخالفة قرارها بشأن القدس للقوانين الدولية.