بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميًا اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل)، يبرز سؤال أساسي حول المشهد المتوقع للعلاقات العربية مع الاحتلال الإسرائيلي التي تأخذ منذ أشهر منحى تطبيعيا متصاعدا.
ودأب مسؤولون في حكومة الاحتلال على التبشير بخطوات تطبيعية مع بعض الدول العربية، من بينها الإمارات والسعودية والبحرين.
ولم يجد مسؤولون إسرائيليون غضاضة في الكشف عن زيارات سرية لعديد المسؤولين العرب إلى (إسرائيل)، والتقائهم بقيادات إسرائيلية في محافل دولية كانوا سابقاً يتجنبون مجرد لقائهم .
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قال في تصريحات سابقة إن الزعماء العرب "ليسوا عقبة" في توسع العلاقات مع (إسرائيل) لكن الخشية من الرأي العام العربي.
الناشط في حركة مقاومة التطبيع"NOR" محمود الشجراوي ذكر أن القرار الأمريكي ستكون له انعكاسات على مستويين أساسيين، الأول يتعلق بحجم التطبيع الرسمي العربي مع دول الاحتلال والآخر مرتبط بإحياء الوعي العربي الرافض للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
وأوضح الشجراوي، لصحيفة "فلسطين" أن الأنظمة العربية الرسمية التي عملت على فتح قنوات تطبيعية مع الاحتلال خلال السنوات الماضية ستبقى مترددة في إخراج التطبيع من الخفاء إلى العلن، خشية من رد فعل شعوبها التي باتت غاضبها من التخاذل العربي والإسلامي إزاء ما يحدث في القدس.
وأشار الشجراوي، إلى أهمية الاستفادة من الحراك الحاصل حول القدس، في إعادة توجيه البوصلة العربية والإسلامية نحو القضية الفلسطينية وإحياء الوعي العربي الرافض لكل أشكال التطبيع والتواصل مع الاحتلال، إلى جانب زيادة وتيرة حملات المقاطعة الاقتصادية والسياسية والثقافية.
بدوره، يعتقد منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عبد القادر العلمي، أن الاعتراف الأمريكي بالقدس المحتلة كعاصمة للاحتلال سيفتح الباب على مصراعيه لتطبيع دول وقيادات عربية رسمية مع الاحتلال، استجابة لإملاءات أمريكية.
وقال العلمي خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" :"يرغب ترامب بالحفاظ على قبوله لدى الأوساط الصهيونية من خلال الاعتراف بالقدس كعاصمة، وكذلك سيعمل على إقناع أنظمة أوروبية على إيجاد مكاتب تمثيل لها في القدس وتغير نظرة العرب نحو الاحتلال من أجل ذات الهدف".
وأشار إلى أن الزعامات العربية، تسعى للحفاظ على عروشها من خلال كسب ود الولايات الأمريكية وهذا الكسب لا يتم إلا من خلال رضا الاحتلال، "وعلى إثر ذلك لن تتردد الأنظمة العربية في زيادة رقعة التطبيع مع (إسرائيل)"، سواء في المجالات المختلفة والرياضية والثقافية والإعلامية والفنية إلى الجوانب السياسية والاقتصادية.
أما الناشط في المرصد المغاربي ضد التطبيع عزيز هناوي، فأكد على ضرورة حماية القاعدة العربية التي ترفض التطبيع مع دولة الاحتلال، ليس فقط من باب التضامن مع الشعب الفلسطيني، بل لإدراك تلك الشعوب حجم المخاطر والسياسات العدوانية التي ينتهجها الاحتلال ضد العرب عموما.
وقال هناوي لصحيفة "فلسطين": "إن نقل السفارة الأمريكية قد ينسحب عليه نقل سفارات دول أخرى إلى القدس على سبيل إنهاء القضية الفلسطينية وتسويتها عالميا، الأمر الذي قد يسهل من عمليات اختراق وعي الشعوب العربية والإسلامية الرافضة للاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين". وبين أن حماية الوعي العربي يتطلب بشكل عاجل تشكيل جبهة شعبية عامة رافضة للقرار الأمريكي، ومن ثم استغلال جميع المقدرات والإمكانيات للتأكيد على الصورة العدوانية لدولة (إسرائيل) ككيان غاصب لأرض عربية إسلامية منذ نكبة عام 1948.
وفي معنى التطبيع العربي الإسرائيلي، يعرف الأخير بأنه "ممارسة سياسات على مستوى الحكومات أو أفعال على مستوى الأفراد والجماعات للتعامل مع (إسرائيل) أو الإسرائيليين على أنهم جزء طبيعي في الوطن العربي، وتجاهل ممارساتهم في إبادة وتشريد الفلسطينيين".