فلسطين أون لاين

​طالبوا بوقف التنسيقات وتسهيل سفرهم

طلبة المِنح مَن "يدفع" يضمن مستقبله الدراسي

...
غزة - مريم الشوبكي

معبر رفح البري رئة الغزيين التي تصلهم بالعالم، ولكن _يا للأسف_ هذه الرئة تحولت إلى صخرة تكتم على الأنفاس.

حقًّا على بوابة رفح تتحطم الأحلام وتتبخر الطموحات بغدٍ دراسي وعملي ومعيشي أفضل، فخلف أسوارها تتعالى أصوات طلبة ينشدون حقهم في التعليم، قبل انتهاء منحهم الدراسية وتأشيراتهم.

وفتح معبر رفح أبوابه يوم السبت الماضي حتى يوم الإثنين لسفر آلاف العالقين، ومُنح المرضى والطلبة حق الأولوية، كما أعلنت إدارة المعبر الجديدة، ولكن ما حدث كان كارثة بكل المقاييس، لأن "التنسيقات" كانت الشفيع الوحيد لخروج النذر اليسير منهم.

مستقبلنا يضيع

محمد الخالدي (19 عامًا) أحد الطلاب الذين لا يزالون ينتظرون دورهم في السفر لدراسة القانون في دولة المغرب، قبل انتهاء المنحة التي حصل عليها من وزارة التربية والتعليم.

تحدث الخالدي لـ"فلسطين" عن معاناته: "بعد أن أنهيت الثانوية العامة بمعدل 91% حصلت على منحة دراسية، مع خمسة طلبة آخرين، وفورًا قدمت الأوراق والمستندات اللازمة للسفر، وفيها التأشيرة وعدم الممانعة".

وأضاف: "أكد لنا المسؤولون في الوزارة أن سفرنا سيكون فور الحصول على تأشيرة، لكن _يا للأسف_ لم تُوضع أسماؤنا في كشوفات السفر الأخيرة لمعبر رفح".

وتابع الخالدي: "أبلغنا مسؤول في الشؤون الإدارية في السلطة أن أولوية السفر ستكون للطلاب والمرضى، لكن تفاجأنا بعدم إدراج أسمائنا في كشوفات السفر، وبناءً عليه اتجهت مع كثير من الطلبة وذويهم إلى الاعتصام على البوابة".

ومضى في حديثه: "اعتصمنا أمام البوابة ومنعنا حافلات التنسيقات من الدخول، ولم نر أي مسؤول في معبر لنبث إليه شكوانا ومطالبنا، عدا شخص واحد طلب أسماءنا وأرقام سفرنا، وهناك طلبة تعاطوا معه، وهناك من رفض لأنهم شعروا بأنه تخدير ليس إلا".

وطالب الخالدي بوقف التنسيقات وتمكين الطلبة من السفر، لأنها تسلب حق الأشخاص الآخرين في السفر.

وتساءل قائلًا: "إلى متى سنحرم حقنا في السفر؟!، انتهى الفصل الدراسي الأول، ومع استمرار إغلاق المعبر ستضيع سنة من عمرنا، مستقبلنا يتسرب من بين أيدينا، لا سيما أن طلبة المنحة المغربية لم يلتحقوا بجامعات غزة على أمل السفر للدراسة هناك".

تمييز بين الضفة وغزة

واشتكى صلاح شتات من التمييز الواضح بين طلبة المنح الدراسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فطلبة الضفة تمكنوا من الالتحاق بالفصل الدراسي الأول، وطلبة غزة ما زالوا يعتصمون على بوابة معبر رفح.

شتات يبلغ 18 عامًا، حصل على معدل 97% في الثانوية العامة، أهله للحصول على منحة الدولة التونسية لدراسة القانون هذا العام، ومع انتهاء الفصل الدراسي الأول للمنحة لا يزال يمني النفس بالسماح له بالسفر من معبر رفح للالتحاق بالفصل الدراسي الثاني.

وأضاف: "بعد 70 يومًا حصل طلبة المنحة من أبناء غزة على التأشيرة، أما طلبة الضفة فبعد يومٍ واحد أُصدرت تأشيراتهم، لماذا التمييز يا ترى مع أن المنحة نفسها؟!".

وتابع: "طلبة الضفة منذ شهر ونصف يدرسون في تونس، وطلبة المنحة في غزة ما زالوا يناشدون للسماح لهم بالسفر، وفي حال استمر منعنا من السفر ستنتهي فرصتنا للدراسة".

وعبّر شتات عن امتعاضه مما حدث في كشوفات السفر على معبر رفح مطلع الأسبوع الماضي، قائلًا: "كشف الطلبة الذي نشر لا يمت للطلاب بأي صلة، بل سمح لعائلات كاملة بالسفر على أنهم طلبة، بأي حق يسافر أب مع ابنته ضمن كشف الطلبة؟!".

وأضاف: "ضاع عام من عمري ما بين الانتظار وحالة القهر، نتحدث بأننا شعب واحد وعن مصالحة، لكن على أرض الواقع لا وجود لكل هذا، رشى ومحسوبيات وتنسيقات ظالمة، لا أدري مِن أين سأجلب 3000 دولار ثمنًا لخروجي من المعبر؟!".

وناشد شتات وزير التربية والتعليم صبري صيدم تنفيذ وعوده بتسهيل سفر طلاب المنح الدراسية العالقين في غزة، والتنسيق مع إدارة المعبر لتمكينهم من الالتحاق بمقاعد الدراسة قبل انتهاء التأشيرة، وضياع السنة الدراسية الأولى.

وطالب محمد اللحام من مدينة خان يونس بحقه في حرية التنقل، وتمكينه من السفر لإكمال دراسة الماجستير في إحدى الجامعات التركية على نفقته الخاصة.

وقال اللحام لـ"فلسطين": "أنهيتُ دراسة بكالوريوس اللغة العربية منذ عامين، ومنذ ذلك الحين واجهتُ الكثير من الصعاب، ولم أجد وظيفة لكثرة عدد الخريجين وقلة الوظائف بل ندرتها، لذا قررت إكمال دراستي في الخارج، لعل الأفق يتسع لي وأجد عملًا".

وأضاف: "عانيت من أجل الحصول على تأشيرة للسفر إلى تركيا على نفقتي الخاصة، وها هي توشك أن تنتهي ولم أحصل على حقي في السفر، أطالب بهذا الحق، ولا أطالب بمنحةٍ أو غيرها، أريد فقط حريتي في التنقل".

وتساءل اللحام: "انتظرت التأشيرة طويلًا، والآن أنا في انتظار خروجي من المعبر، بعدما فقدت الأمل في إيجاد وظيفة بغزة اتجهت إلى البحث عنها في الخارج، وتقريبًا بت أفقد الأمل في ذلك أيضًا".

وطالب بإيقاف التنسيقات التي تجري على معبر رفح ومواجهتها بكل الطرق، وإلا فسيصبح معبر رفح متاحًا فقط لمن يدفع.