فلسطين أون لاين

يُعاني عدة أمراض.. الآفات والأمطار تلاحقان مبتور الساق إسحاق فياض

...
الجريح إسحاق فياض
غزة/ أدهم الشريف

في مدينة غزة المكتظة سكانيًا وتتجلى فيها مشاهد الدمار، يعيش إسحاق فياض وعائلته ظروفًا مأساوية قرب مكب للنفايات تنبعث منه الآفات والأمراض، وتفتك بالنازحين أصحاب المنازل المدمرة المحيطين به في قلب المدينة.

وتحت سقف لا يشبه البيوت أو حتى الخيام، فقط شادر تحيط به قطع من القماش المهترئ، لم يجد فياض مكان لإيواء عائلته سواه، بعد رحلة نزوح قسري مر بها خلال حرب الإبادة الإسرائيلية.

ويعاني الرجل البالغ (55 عامًا)، من بتر في ساقه جعله من ذوي الإعاقة منذ أن إصابته في قصف إسرائيلي خلال العدوان العسكري الإسرائيلي على غزة منتصف 2021، حيث شن جيش الاحتلال حربًا دموية قتل خلالها المئات وأصاب الآلاف بنيرانه، وهو أيضًا يعاني من أمراض مزمنة، منها الضغط والسكري.

كان لفياض منزل في بلدة بيت حانون، شمالي قطاع غزة، لكن منذ اليوم الأول لحرب الإبادة التي شنها جيش الاحتلال يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أُجبر على تركه والنزوح بين محافظات القطاع الساحلي.

يشير لـ "فلسطين أون لاين"، إلى أنه عاش وعائلته في بيت حانون أعوام طويلة في منزل كان مكون من 4 طوابق. "لكن جيش الاحتلال دمره بالكامل وأخفى معالم البلدة كلها.. لم يبقَ شيء من بيتنا سوى الذكريات." كما قال وقد بدا الأسى في نظراته.

وقال: "بحثت وأبنائي عن مكان للإيواء في مدينة غزة لكن لم أجد سوى هذا المكان.. منذ أشهر طويلة وأنا أعيش ظروفًا قاسية بسبب الروائح الكريهة والآفات القادمة من مكب النفايات."

وأضاف: "إن الحشرات تقتحم المكان الذي نعيش فيه في ساعات النهار، والقوارض تهاجمنًا ليلاً وتأكل ما تبقى لدينا من طعام قليل."

تحت سقف الشادر الذي لا يقيه لسعات البرد وتتسرب إليه مياه الأمطار، يمضي فياض طيلة ساعات النهار جالسًا على فراش رطب، فيما تحيط به ملابس مبللة معلقة على حبل مشدود بين قضيبين حديديين صدئين.

لأشهر طويلة لم يتمكن من مغادرة المكان الذي يعيش فيه، بعدما تعطلت مركبته الصغيرة الخاصة بذوي الإعاقة، ولم يعد قادر على الحركة إلا بواسطة عكازين معدنيين لا يفارقاه.

وتابع: "إن البرد يقتلنا في هذا المكان وتلاحقنا الأمطار في كل وقت.. الأمر لا يقتصر على الحشرات والآفات."

لكن أكثر يؤلم هذا الرجل مخاوفه الكبيرة على طفلة نجله البكر حمدي، الذي استشهد بقصف إسرائيلي في بداية حرب الإبادة، وأنجبتها أرملته دون أن يراها والدها.

وكان قطاع غزة قد تأثر مؤخرًا بسلسلة منخفضات جوية، خلَّفت ورائها تداعيات إنسانية خطيرة على أصحاب المنازل المدمرة، ولم يجدوا مأوى سوى خيام بالية لا تقيهم البرد والأمطار، حتى أن مبانٍ تعرضت لأضرار خلال الحرب انهارت فوق رؤوس ساكنيها.

وأكمل فياض حديثه: "حياتنا هنا مهددة بسبب الأمراض التي تداهمنا جميعًا، فلا يوجد للنظافة مكان ونحن نعيش بجوار مكب للنفايات."

وتتناثر مئات خيام النازحين حول مكب نفايات اليرموك، بعدما ضاقت السبل بآلاف النازحين المدمرة منازلهم في أحياء متفرقة من محافظتي غزة وشمالي القطاع، ولم يجدوا مكانًا آخر في المراكز إيواء نازحي الحرب.

وقال فياض: "لا نستطيع التحمل أكثر من ذلك، حياتنا معدومة هنا، ومعرضون للإصابة بالأمراض والموت بسبب نفايات المكب وانبعاثاته.. نريد بيوتًا متنقلة نستطيع وضعها في مكان يليق بالحياة الآدمية."

وأطلق مسؤولون طبيون ومؤسسات محلية ودولية تحذيرات عديدة من مخاطر النفايات وتكدسها في مناطق النزوح، في ظل واقع صحي خطير جدًا يتهدد حياة المواطنين.

وكان مسؤول الرقابة على النفايات والصرف الصحي في وزارة الصحة المهندس سعيد العكلوك، حذَّر من أن وجود مكبات النفايات في الأحياء السكنية في مدينة غزة أو غيرها من محافظات القطاع، يعرض حياة المواطنين والنازحين للخطر، في ظل عدم قدرة البلديات على الوصول إلى المكبيْن الرئيسييْن، وهما مكب جحر الديك، والمكب الواقع في منطقة الفخاري شرق المحافظات الجنوبية لقطاع غزة.

وأكد العكلوك في تصريح سابق لـ"فلسطين أون لاين"، أن للنفايات الصلبة تأثيرات سلبية كبيرة على البيئة والصحة العامة، ويرافقها انتشار للحشرات والقوارض.

ونبَّه إلى أن النفايات ينتج عنها كوارث ونواقل للأمراض تؤثر على الصحة العامة، وتجعل البيئة مهيأة لانتشار الأوبئة في ظل تراجع المنظومة الصحية.

المصدر / فلسطين أون لاين