فلسطين أون لاين

​"السرطان" لم يمهل سناء الفرا حتى فتح معبر رفح

...
غزة - أدهم الشريف

كانت آلامها تزداد بمرور الأيام بسبب مرض السرطان الذي ألمَّ بها، وجعلها حبيسة أسرة العلاج في مستشفيات غزة، ومع ذلك كانت تنتظر اللحظة التي سيفتح فيها معبر رفح المغلق جنوبي القطاع.

فرصة العلاج من "سرطان القولون" خارج القطاع الرازح تحت حصار مشدد منذ أكثر من عشر سنوات لم تحظ بها سناء الفرا (51 عامًا).. إذ توفيت أول أمس على ذراع زوجها وزير الحكم المحلي السابق محمد الفرا.

كانت كل شيء في حياة عائلتها؛ فهي أم لستة من الأبناء والبنات، أكبرهم هاشم (28 عامًا)، وأصغرهم جنى (14 عامًا)، "هي شريكة حياتي وأغلى ما أملك" قال الفرا.

قبل خمسة أشهر اكتشفت إصابتها بالسرطان، وبدأ مسلسل معاناة سناء مع هذا المرض الفتاك.

"كانت في حالة صراع شديد مع المرض، والآلام ليلًا ونهارًا" قال الفرا لـ"فلسطين"، وتابع: "حتى المسكنات لم تكن متوافرة"، لذلك كنت أبحث عن مرضى توفوا لأحصل على ما تبقى وراءهم من مسكنات.

ومع ازدياد الآلام كان لزامًا تحويلها إلى مستشفيات خارج قطاع غزة، فقررت عائلتها علاجها بمشافي القدس المحتلة، وهنا تقدمنا -والحديث لزوجها- بطلب تصريح في منتصف آب (أغسطس) الماضي، وفوجئنا برفض الاحتلال الإسرائيلي.

وتابع الفرا: "بعد مرور شهر _وتحديدًا في منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي_ قدمنا طلبًا آخر، ورفض أيضًا، لم يبق أمامنا بعدها إلا انتظار فتح معبر رفح".

رافق الفرا شريكة حياته في مراحل مرضها وآلامها الشديدة، وساعدها حين عانت من ضيق في التنفس وعدم قدرتها على البلع، حتى في أثناء سيرها لم يتركها وحيدة.

وقال: "مرض السرطان مسلسل كبير من العذاب والألم في كل لحظة".

ووسط هذا كله عاشت سناء أيام عمرها الأخيرة على أمل فتح معبر رفح، "كانت تشعر أن شفاءها بفتح المعبر (...) وسط الظلام كانت ترى ضوءًا خافتًا يتمثل بفتح المعبر" أضاف الفرا.

لم تكف عن السؤال: "فتح المعبر أم لا؟"، في كل مرة كان يحاول الزوج المكلوم التخفيف عنها، وقال: "أكثر ما كان يؤلمني أثناء مرافقتي لسناء أن كل يوم يمر كان يموت واحد من ضحايا هذا المرض الفتاك"، متابعًا: "المرضى جميعًا يعيشون على أمل فتح المعبر (...) هؤلاء يعدمون بصمت، وكل من يشارك في حصار غزة شريك في إعدامهم".

وفي نظر الفرا "أبسط حقوق الإنسان التنقل للعلاج"، لكن المواطن الغزِّي بات غير قادر على تحصيل هذا الحق.

ويؤكد دستور منظمة الصحة العالمية أن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان.

ويشمل الحق في الصحة الحصول على الرعاية الصحية المقبولة والميسورة التكلفة ذات الجودة المناسبة في التوقيت المناسب، حسب نص الدستور المنشور على موقع المنظمة الإلكتروني.

أما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فيؤكد في المادة (25) منه أن لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته.

لكن كل هذا لا يتوافر لآلاف المرضى في غزة، الذين هم بحاجة إلى معبر يتحركون عبره للحصول على العلاج.

حتى القانون الفلسطيني يؤكد التزام السلطة بدستور منظمة الصحة العالمية، وعليه إن الصحة تعد "حقًّا في فلسطين" ينعكس في الخدمات الصحية المتوافرة وجودتها والقدرة على الوصول إليها.

وقال الفرا: "إن أرواح هؤلاء المرضى في عنق الرئيس محمود عباس، والمدير العام للإدارة العامة للمعابر والحدود نظمي مهنا، الذي زار غزة أخيرًا، وتعهد بفتح المعبر منتصف الشهر الجاري، الذي حل أمس دون أن يفتح المعبر الحدودي مع مصر.

وطالب الفرا الوسيط المصري بأن يكون له دور، ويتدخل لفتح المعبر فورًا.

وتساءل: "ما الذي يمنع فتح معبر رفح الآن أمام المرضى؟!".

"سناء الفرا" غيبها السرطان كما كثيرين قبلها في غزة، ولم يمهلها المرض حتى فتح المعبر، الذي كان مقرراً فتحه يوم أمس، وفق اتفاق المصالحة بين حركتي "حماس" و"فتح" الموقع في القاهرة في الثاني عشر من شهر أكتوبر الماضي.