فلسطين أون لاين

تقرير الاحتلال وسياسات السُّلطة... أزمة البطالة والفقر تخنق الضَّفَّة الغربيَّة

...
الاحتلال وسياسات السُّلطة... أزمة البطالة والفقر تخنق الضَّفَّة الغربيَّة
رام الله- غزة/ رامي رمانة:

تعيش الضفة الغربية حالة اقتصادية خانقة وغير مسبوقة، إذ اجتمعت عليها أزمتان أساسيتان: وقف أو تأخر صرف رواتب الموظفين، ومنع عشرات آلاف العمال من دخول أماكن عملهم داخل مدن الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو عامين.

الأوضاع تركت آثارًا مباشرة على حياة الأسر الفلسطينية التي باتت عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية من غذاء ودواء وتعليم. ومع كل يوم يمر، تتكشف قصص إنسانية مؤلمة لأسر كانت تعيش بكرامة، لكنها اليوم تجد نفسها تكافح فقط لتأمين البقاء.

تقول فاطمة عنبتاوي من إحدى قرى شمال الضفة الغربية: "ابنتي حصلت على نتائج مشرفة في الثانوية العامة، وكان حلمها أن تدرس الهندسة، لكننا لا نملك ما يكفي حتى لرسوم التسجيل. كنت أحلم بأن أراها تحقق طموحاتها وتصبح مهندسة تساعد أسرتها ومجتمعها، لكن الواقع يجعل حلمها بعيدًا للغاية."

وتضيف بحسرة لصحيفة "فلسطين": "كأم، قلبي يتمزق وأنا أرى مستقبلها يضيع أمام عينيّ فقط لأننا لم نعد قادرين على العمل أو الحصول على راتب ثابت. كل يوم نكافح فقط لتأمين الطعام والدواء وفواتير المنزل، ولا نفكر حتى في الاستثمار في التعليم أو التطوير، وهذا الشعور بالإحباط يؤلمنا جميعًا."

في بيت لحم، يروي سائد أبو حسنين تجربته حيث كان يعمل في محل لبيع الهدايا التذكارية، لكن توقف السياحة إثر الحرب على غزة أجبر صاحب المحل على تقليص العاملين من ستة إلى اثنين فقط، وكان من بين من فقدوا وظيفتهم. يقول: "أعيش الآن على ما يرسله لي شقيقي في البحرين، وإلا لما استطعنا الصمود."

ويضيف جابر أبو زينة: "كنت أعتمد على عملي اليومي في الداخل المحتل لتغطية احتياجات أسرتي، لكن مع توقف فرص العمل لم يعد لدي أي مصدر دخل ثابت. كل يوم أصبح تحديًا جديدًا لتوفير الطعام والدواء لأطفالي، وأحيانًا أضطر لتأجيل بعض الاحتياجات الأساسية. الحياة أصبحت ثقيلة، وأشعر أن المستقبل مظلم إذا استمر الوضع على ما هو عليه."

ويتابع: "لا أستطيع أن أرى أطفالي وهم يكبرون بدون تعليم جيد أو فرص حقيقية، كل شيء أصبح رهينًا للمال الذي قد يصلنا من الخارج أو يعتمد على صدقة بسيطة. هذا شعور مؤلم لكل رب أسرة يسعى لتأمين الحد الأدنى من الكرامة لعائلته."

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي د. نائل موسى أن ما يحدث في الضفة الغربية ليس أزمة عابرة، بل سياسة ممنهجة. ويقول موسى لـ"فلسطين": "الاحتلال الإسرائيلي يواصل إحكام قبضته على الضفة الغربية من خلال عزل المدن والقرى عن بعضها، وتحويلها إلى كانتونات منفصلة. التضييق الاقتصادي يهدف إلى إضعاف القدرة الفلسطينية على النهوض، ويجعل المجتمع أكثر اعتمادًا على المساعدات الخارجية. منع العمال من دخول العمل في الداخل المحتل، إلى جانب وقف الرواتب، يشكلان معًا قيدًا خانقًا يهدد بانهيار البنية الاجتماعية والاقتصادية."

ويؤكد موسى أن الأزمة ليست فقط نتيجة الحصار والخناق من الاحتلال الإسرائيلي، بل تتداخل فيها عوامل داخلية مثل سوء الإدارة المالية، غياب تشجيع الإنتاج الوطني، والفساد المستشري. ويضيف أن الاعتماد المفرط على الرواتب والمساعدات الخارجية يجعل الاقتصاد هشًا، وأي أزمة سياسية أو مالية ترتد فورًا على المواطنين.

وتشير أحدث البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن معدل البطالة في الضفة الغربية بلغ نحو 28.6% في الربع الثاني من 2025، بمجموع نحو 287 ألف عاطل عن العمل من قوة العمل، مع نسبة استخدام جزئي للعمل تصل إلى 31.5%، مما يبرز هشاشة السوق وانعدام الفرص المتاحة.

ووفقًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، فقد خسرت الضفة حوالي 306 آلاف وظيفة، ما دفع معدل البطالة من 12.9% قبل الحرب إلى 32% في 2023–2024، مع فقدان قدر يومي من الدخل يبلغ 25.5 مليون دولار.

 

 

المصدر / فلسطين أون لاين