بمشاعر مختلطة بين البهجة والفخر بتحررها من سجون الاحتلال الإسرائيلي عبر صفقة تبادل بين الأخير والمقاومة الفلسطينية، وأخرى بمشاعر الحزن والعجز أمام ما أحدثته "حرب الإبادة"، لا ترى المحررة ياسمين أبو سرور كلمة "شكرا" توافي "عظمة صنيع" أهل غزة.
تردد تكرارا كلمات الثناء والشكر لأهل غزة وصمودهم الأسطوري "شكرا لغزة .. شكرا لأهلها .. حتى أن كلمة شكرا كلمة قليلة" أمام تضحيات الغزيين وإفشالهم لمخططات إسرائيلية وحرب هي الأكثر دموية في العصر الحديث.
لكن الفتاة (26 عاما) من مدينة بيت لحم التي تعيش أجواء "فرحة عظيمة" بتحررها وزميلاتها من "مقبرة سجن الدامون"، تصطدم بـ"عجز كبير" أمام "رد الوفاء" لأهل غزة.
وخاصة أن الأسيرة للمرة الرابعة، إداريا، لم تتوقع الإفراج عنها في صفقة التبادل، ورغم أنها ترى أن "الحرية لا تقدر بثمن"، لكن الأهم بالنسبة إليها: "هو وقف الحرب عن غزة".
"وأهل غزة" هو تعبير تقصده المحررة أبناء شعبها ومقاومته البطولية التي صمدت وقاتلت 470 يوما، وأجبرت الاحتلال على الجلوس للتفاوض حتى أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" اشترط على المحررات وذويهن عدم إظهار مظاهر الفرح أثناء مراسم استقبالهن أو "الثناء على المقاومة" في غزة.
وحررت المقاومة خلال اليوم الأول لاتفاق وقف إطلاق النار، الأحد الماضي، 90 أسيرا فلسطينيا، منهم 69 امرأة و21 طفلا مقابل إفراجها عن 3 أسيرات إسرائيليات سلمتهن كتائب القسام للجنة الدولية للصليب الأحمر في ساحة السرايا وسط مدينة غزة بحضور عسكري وجماهيري لافت.
وللأسيرة المحررة شقيقان أسيران، تأمل أن يكون شقيقها "عرفة" المحكوم بالسجن 17 عاما والآخر "خليل" المعتقل إداريا، أن تشملهما صفقة التبادل بالإفراج عنهما خلال الأيام القادمة.
وتقول: "كلنا أمل بأن يلتئم شمل العائلة بعد شهور وسنوات طويلة من الفراق" داخل السجن وخارجه.
وسبق أن خاضت ياسمين تجربة الاعتقال الأول، في السادسة عشر من عمرها وتحديدا 2016م، والثاني والثالث عام 2018م، والأخير في ديسمبر/ كانون أول 2023م، ليبلغ مجموع سنوات اعتقالها 3 سنوات ونيف.
وخلال اعتقالها قبل الأخير، حرمت الطالبة من التقدم للثانوية العامة على مقاعد الدراسة، واجتازتها داخل السجن بمعدل 75%، وتطمح حاليا لاستكمال تعليمها الجامعي.
وعن ذلك، تصف الاعتقال الأخير بـ"الأصعب" في تاريخ الحركة الأسيرة؛ نظرا لتعمد إدارة سجون الاحتلال تطبيق سياسات تعسفية وقمعية بحق الأسرى والأسيرات بالتزامن مع معركة "طوفان الأقصى".
"لا طعام ولا ماء ولا أدوات ولا أجهزة كهربائية وصولا لعقوبات جسدية ونفسية قاسية"، هكذا لخصت المحررة واقع حيات الأسيرات في "الدامون" حتى أن إدارة السجن منعت مؤخرا زيارة المحامين الفلسطينيين للسجن وباتت أخبار غزة منقطعة.
ولذلك، لم تعلم تلك المحررات بقرار الإفراج عنهن ضمن صفقة التبادل إلا قبل ساعات من إجراءات التبادل، وحاولت إدارة السجون التلاعب بمشاعرهن وأعصابهن لدرجة تسليمهن "بلاغات" لمراجعة مخابرات الاحتلال الشهر القادم.
وحتى يوم السبت القادم، (موعد تبادل الأسرى) بين المقاومة والاحتلال، لا تزال "ياسمين" تعيش أجواء ترقب وانتظار للإفراج عن زميلاتها المتبقيات في "الدامون" وعددهن 13 أسيرة بينهن 3 أسيرات من غزة.
وتختم الأسيرة المحررة: "السبت القادم يوم تاريخي!"، وذلك في إشارة لتبيض المقاومة لسجن "الدامون"، لأول مرة، من جميع الأسيرات الفلسطينيات.
والأحد الماضي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس والاحتلال، يستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، ويتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة.
ومن المقرر أن تطلق حماس في المرحلة الأولى سراح 33 أسيرا وأسيرة إسرائيليين، مقابل أسرى فلسطينيين يتوقف عددهم على صفة كل أسير إسرائيلي إن كان عسكريا (مقابل 50 أسيرا) أم مدنيا (مقابل 30 أسيرا).

