خبر استهداف الاحتلال الشهيدة الصحفية الزهراء أبو سخيل كان صادمًا لكل من عرفها، فهي التي بدأت تخطو خطواتها الصحفية أثناء حرب الإبادة وصولًا لتحقيق حلمها بأن تكون مراسلة تلفزيونية يشار إليها بالبنان، فظهرت على عدة شاشات بأداء متميز كان قد تنبأ لها به أساتذتها في الجامعة وزميلاتها الذين كانوا معجبين بثقتها بنفسها واجتهادها.
فصاحة وإبداع
بدأ حلم أبو سخيل مع الصحافة منذ صغرها فقد تمتعت بفصاحة اللسان حيث والدها مدرس اللغة العربية في " وكالة الغوث" الذي تعهد بتعليم أبنائه للغة العربية الفصحى وسلامة نطقها، فكان عشق أبو سخيل لهذه اللغة لكنها لم تختر أن تكون مدرسة كوالدها بل استخدمت اللغة في منحى آخر يتطلب أيضًا لغة عربية سليمة فتوجهت لدراسة الصحافة حيث حلمها الأكبر بأن تقف وراء الشاشة ويشار إليها بالبنان.
خطّت أبو سخيل خطواتها الجامعية بتفوق وإبداع، وكانت تعمل إلى جانب الدراسة – كما تبين صديقتها ظريفة أبو قورة- لكن ذلك لم يمنعها عن مد يد العون لكل الطلبة الجدد في تخصصها، حيث كان من المفترض أن تتخرج من الجامعة في العام ٢٠٢٣ م لكن " حرب الإبادة" "الإسرائيلية" قلبت كل الموازين وحرمتها وزملائها من التخرج بل نسف الاحتلال أيضا جامعتها " الاسراء" عن بكرة أبيها.
لكن أبو سخيل عاشت أجواء التخرج في عام ٢٠٢٢م حينما اختيرت من قبل إدارة الجامعة لتكون عريفًا لحفل التخرج، فأبدعت بشكل كبير، تقول أبو قورة:" وكأن الله اراد أن تشهد زهراء حفل التخرج الأخير في جامعتنا وللأسف في حياتها كذلك".
فـ " الزهراء" كانت فتاة خلوقة – كما تبين أبو قورة – مهذبة طيبة لا تحمل في قلبها حقدًا على أحد ، سريعة الرضا بعد الغصب، اجتماعية تنسج علاقات بسرعة فائقة وتمد يد العون لكل محتاج.
وخطت "أبو سخيل" خطوات أكبر على صعيد مستقبلها المهني خلال الحرب الحالية حيث راسلت فضائية " الجزيرة مباشر" فيما عملت مراسلة تلفزيونية في "شبكة الإعلامية نيوز"، " كان المنزل بالنسبة لزهراء " استديو صغير" حيث تكتب النصوص فيدققها والدها المدرس والشاعر، ثم تسجلها بصوتها بمساعدة شقيقها " أحمد" الذي يعمل في مجال الصحافة كـ" مونتير " ولديه مايك وجهاز تسجيل صغير في المنزل".
استشهد ثلاثتهم
تضيف أبو قورة :" كان ثلاثتهم شديدي التعلق ببعضهم البعض ويشكلون فريق عمل مصغر، وازداد قربهم من بعضهم البعض، حين تفرق شمل الأسرة بعد اجتياح الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي في شهر مارس الماضي حيث كانوا نازحين بداخله، فاكتشفوا بعد مدة من الوقت أن والدتهم وشقيقات زهراء الثلاثة قد نزحوا باتجاه الجنوب أما ثلاثتهم فقد ظلوا في غزة حتى استشهدوا معًا".
أما مدرسها في الجامعة محمد السيقلي فيقول :" عرفتُ الطالبة الفذة والصحفية الواعدة الزهراء أبو سخيل، منذ أن بدأت التدريس في جامعة الإسراء، كانت طالبة مميزة للغاية، هي استثنائية بكل تحركاته وسكناتها، هي تقول بكل تفاصيلها أنها ليست من اهل الأرض، هي من عوالم أخرى جاءت لنا في رحلة وعادت تارة أخرى مسرعةً لعالمها.
ويضيف:" كانت -رحمها الله- ذكية لأبعد حدود، متميزة رغم كثرة الحضور والوجود، لديها عنفوان وطاقة عمل رهيبة، مندفعة باتزانٍ ودون تهور، هادئة دون كسل، لديها همة للعمل والبذل والعطاء لا أجدها عند الكثيرين".
ويشير إلى أن دماثة خلقها كانت لافتة للجميع وخاصة لصديقاته، كانت متواضعة لأبعد الحدود، اذكر مرة أنها خرجتْ في إطلالة على قناة الجزيرة، أرسلت لها رسالة ممازحاً إياها "لقد تفوقتي على أساتذتك.."، أجابت "أنتم تاج الرأس، ونحن من دونكم لا نساوي شيء".
"ومع بداية المعركة كانت ترسل لي إنجازاتها بشكلٍ مستمر لأعمال وتقارير تغطي فيها مجريات الأحداث في غزة، وكنتُ دوماً اثني على تألقها الفريد رغم صغر سنها" يعقب السيقلي.