تتنقل الخالة صابرين الحلبي، مسرعةً بين أقسام مستشفى الأهلي العربي "المعمداني" في مدينة غزة، حاملةً بين ذراعيها ابن شقيقتها الصغير "حيدر" البالغ من العمر سنة ونصف.
وتحاول الحلبي، جاهدةً الالتقاء بالأطباء للاطمئنان على صحة الطفل الذي أصيب بجروح خطيرة يوم الـ 15من الشهر الجاري، نتيجة القصف الجوي "الإسرائيلي" على المنزل الذي نزحوا إليه في حي الدرج بمدينة غزة.
وبحزن عميق، تحدثت الحلبي لمراسل "فلسطين أون لاين" عن وضع الطفل الصغير، قائلة: "أصبح "حيدر" وحيدًا بعد تدمير المنزل، فوالداه يرقدان في المستشفى المعمداني بحالة حرجة جدًا".
ويعاني الطفل "حيدر" من كسور في الحوض وساقه اليسرى، الأمر الذي جعله كثير البكاء من شدة الألم، وفقًا لما أبلغ الأطباء الحلبي، لافتة إلى أنه يعاني من آلام لا يستطيع جسده الصغير تحملها.
ويوم الأحد 15 من الشهر الجاري، أطلقت طائرات الاحتلال "الإسرائيلي" صاروخًا على المنزل الذي كانت تعيش فيه عائلة حيدر، ما أدى لاستشهاد خمسة أفراد من النازحين في المنزل الذي أقاموا به، وهم إيناس زقوت (27 عامًا)، وطفليها مجد (4 سنوات) ومنى (سنة ونصف)، وجمانة (13 عامًا)، وإبراهيم (17 عامًا)، أوإصابة أربعة آخرون، بينهم والدا "حيدر."
وتقول الخالة صابرين، أنها تضطر يوميًا لقطع مسافة تقارب الثلاثة كيلومترات وهي تحمل الطفل بين ذراعيها للوصول إلى المستشفى، حيث يرقد والده ووالدته في حالة خطيرة، مشيرة إلى أنها أصبحت المسؤولة عن الطفل بعد إصابة والديه، وتقوم بتلبية احتياجاتهم اليومية، في الوقت الذي تُكابد فيه مشاعرها الخاصة جراء الفاجعة التي حلّت بالعائلة.
وتضيف، أن التعامل مع الطفل المصاب ليس بالأمر السهل، فهو يعاني من إصابات خطيرة، ولا تخفي خشيتها أن تسبب أي حركة خاطئة ألمًا إضافيًا للطفل.
وتمضي بالقول وعلامات التعب باتت ظاهرة على وجهها: "أبقي عينيَّ مفتوحتين طوال الوقت، فحيدر أمانة في يدي حتى يخرج والداه من المستشفى".
وتساءلت الخالة صابرين، والدموع تتلألأ في عينيها، بمرارة: "ما الذنب الذي ارتكبه حيدر ليُصاب بهذا الشكل ويبقى طريح الفراش؟! أين العالم والمنظمات الدولية التي تتغنى بحقوق الطفل مما يتعرض له أطفال القطاع على يد قوات الاحتلال؟!".
ويعاني الطفل حيدر، الذي كان يلعب ويضحك بين ذراعي والديه، بصمت في حضن خالته صابرين، وما زال والداه يكافحان من أجل البقاء.
ويتعمد جيش الاحتلال "الإسرائيلي" خلال حربه الضروس على قطاع غزة، استهداف المدنيين والأبرياء العزل وخاصة الأطفال والنساء والشيوخ.