فلسطين أون لاين

عن أهوال النَّجاة بأجسادهم الصَّغيرة وصولاً لعزلة "المشفى"

تقرير الطِّفلان "شرف ويمان" .. جريحان تخيِّم عليهما أعراض نفسيَّة "صعبة"

...
الطِّفلان "شرف ويمان" .. جريحان تخيِّم عليهما أعراض نفسيَّة "صعبة"
غزة/ نور الدين جابر

دخل الطِّفلان شرف ويمان وادي في صدمة نفسيَّة بعدما نجَّيا من موت محقَّق عقب قصف طائرات الاحتلال الإسرائيليِّ الصَّفِّ الَّذي كانا فيه برفقة عائلتهم في إحدى مدارس الإيواء بمدينة غزَّة .

في السابع من شهر تموز/ يوليو الماضي، ومع دخول وقت الظهيرة كان الطفلان شرف (4 سنوات ونصف) ويمان (5 سنوات ونصف) يلعبان في ألعابهم داخل صف في إحدى مدارس الإيواء التي نزحا إليها برفقة عائلتهما من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، إذ بطائرة إسرائيلية تقصف بصاروخ "غادر" ذلك الصف.

حالة من الخوف والذُّعر خيَّمت حينها ، فقد تفرُّقًا الطِّفلان عن والدتهم الَّتي كانت تجلس بجانبهم قبيل القصف، إذ احترقت السَّيَّارة البلاستيكيَّة الَّتي كان يقودها "يمان" وانصهرت على جسده فأحرقت غالبيَّته، أمَّا "شرف" الَّذي كان يلهو على جهاز محمول، طار إلى الصَّفِّ المجاور وظلَّ مغطَّى تحت الرُّكام، حسبما تروي والدتهما "أمِّ محمَّد" لمراسل  "فلسطين أون لاين".

نيران الصاروخ لم تحرق جسد الطفلين فحسب بل طالت والدتهم "أم محمد" أيضًا، وأحرقت أجزاء من جسدها، قبل أن يخمدها رجال الإطفاء الذين حضروا للمكان لإنقاذ العائلة، كما جرى إطفاء النار المُشتعلة في جسد "يمان".

ورغم اشتعال النار بجسد الوالدة "أم محمد"، فقد أشارت لرجال الإطفاء أن "شرف" تحت الأنقاض، فتوجهوا إلى إنقاذه بعدما أمضى قرابة نصف ساعة، وفق ما تقول والدة الطفلين، وبعد ذلك جرى نقلهم جميعاً إلى مستشفى الأهلي العربي "المعمداني" وسط مدينة غزة.

كان تشخيص حالة الطفلين أن "شرف" يعاني من ثلاثة كسور في يده وحروق، أجرى على إثرها عملية جراحية "تركيب بلاتين"، أما" يمان" فيعاني من كسر في قدمه مع تناثر عددٍ من الشظايا في أنحاء جسده، تضيف "أم محمد".

لم يمضِ على مكوثهم في مستشفى "المعمداني" حتى تقدّمت دبابات الاحتلال في منطقة حي الشجاعية شرق مدينة غزة وباتجاه المستشفى، وهو ما اضطر بهم الأمر لنقلهم إلى مستشفى كمال عدوان في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.

وتتابع الوالدة أن طفليها لا يزالان يرقدان على أسرّة قسم الأطفال في مستشفى كمال عدوان منذ أكثر من شهر، إذ ظهرت عليهم أعراض نفسية جراء إصابتهم ومكوثهم في المستشفى مدة طويلة.

فقد أصبح سلوك "يمان" عدوانياً ولا يتقبل اقتراب أي طبيب منه، وزادت حالة العناد لديه، عدا عن حالة الانطواء التي يعيشها ولا يرغب في الحديث مع أي شخص يأتي إليه، كما تقول والدته.

وعلى مدار اليوم أصبح "يمان" يردد بعض الكلمات التي تدل على تردي حالته النفسية مثل "ليش اجت الحرب"، "اتعبنا بدنا تخلص الحرب"، وتحكي والدته عنه "هذه حالة غريبة على يمان حيث كان اجتماعياً ومرحاً ويتحدث مع الجميع".

ويخفف وطأة العذاب لدى "أم محمد" هو نجاة باقي أولاده من هذه الحادثة الأليمة، فتقول "أولادي 8 أفراد ولحظة القصف كانوا جميعهم في ساحة المدرسة ولم يلحق بهم الأذى والحمدلله".

وتصف الحادثة التي وقعة مع عائلتها بـ"الجريمة" كونها استهدفت الأطفال والمواطنين الآمنين، مناشدةً العالم العربي بضرورة التدخل لإنقاذ قطاع غزة ووقف حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 10 أشهر.

ولا يزال العدوان الإسرائيلي الذي انطلقت شرارته في السابع من أكتوبر 2023، مستمراً منذ أكثر من عشرة أشهر، حيث أسفر عن استشهاد أكثر من 40 ألفاً وإصابة أزيد من 90 ألفاً آخرين- غالبيتهم من النساء والأطفال- كما تسبب في تدمير هائل للبنية التحتية مخلفاً "كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقاً لتقارير فلسطينية ودولية.