اضطر سكان قرية عرب العرامشة البدوية قرب الحدود مع لبنان شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، إلى هجرها مؤخرا بسبب الاشتباكات التي اندلعت في المنطقة منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكالة الأناضول رصدت الأوضاع في القرية التي ينتظر مواطنوها العرب أن تنتهي الصراعات على خط الحدود، التي اشتدت بالتزامن مع الأحداث التي بدأت في قطاع غزة، يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والعودة إلى منازلهم.
كذلك ينتظر جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي على الحاجز المُقام عند مدخل قرية عرب العرامشة، التي يوجد من سكانها مَن خدموا في صفوف الجيش.
تقع قرية عرب العرامشة في منطقة جبلية حدودية، ولا تبعد سوى بضع مئات من الأمتار عن الحدود اللبنانية، ويبلغ عدد سكّانها حوالي 1400 أصولهم من العراق ولبنان وسوريا.
ويراقب الجيش الإسرائيلي منطقة الحدود عبر كاميرات محمولة على بالونات، فيما تُسمع أصوات الطائرات من دون طيار والمقاتلات والمدافع في المنطقة، كما يمكن رؤية الدخان يتصاعد من بعض النقاط المُستهدفة.
يفصل الحدود جدار خرساني طويل على "الخط الأزرق" الذي انسحبت منه إسرائيل عام 2000، إثر هجمات حزب الله، وتتولى قوة السلام المؤقتة التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) حمايته.
وقبالة عرب العرامشة، خلف الجدار مباشرة تقع قرية الظهيرة اللبنانية، التي غادرها سكّانها بسبب الاشتباكات أيضاً، حيث يمكن مشاهدة الأضرار التي لحقت بمسجد القرية من جرّاء الهجمات.
وفي تصريح للأناضول، أكّد صائل سعد، رئيس المجلس المحلي للقرية، وجود علاقات قرابة تربطهم مع سكّان قرية الظهيرة المقابلة لهم، مستدركاً بأنّ الاتصالات معهم انقطعت منذ فترة في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة.
وذكر سعد أنّ المواجهات اندلعت على الحدود اللبنانية عقب الأحداث التي شهدها قطاع غزة، مشيراً إلى إجلاء أهالي القرية، في 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى فنادق بالمنطقة للإقامة فيها بشكل مجاني.
ولفت إلى أنّ عدد سكان قرية الظهيرة يقارب 300-400 نسمة بينهم مسنون وذوي ظروف صحية سيئة، ويعملون بتربية المواشي.
وبحسب سعد، فإنّ "انتشار الجيش الإسرائيلي في المنطقة يُشعر البعض بالثقة والبعض الآخر بالقلق".
وقال: "إن شاء الله تنتهي الحرب في أسرع وقت ممكن، أدعو إلى اتفاق إنساني فورا، سيأتي معه وقف إطلاق نار".
وتابع: "آمل التوصّل إلى اتفاق سياسي لا عسكري، فالاتفاق العسكري يعني الحرب، نريد أن ينتهي هذا الموت والدمار والكارثة في أقرب وقت ممكن".
وأوضح أنّ "أهالي القرية سيضطرون للعودة إليها إذا لم تدفع الحكومة الإسرائيلية أجور الفنادق التي تم إجلائهم إليها، لعدم قدرتهم المادية على تغطيتها".
وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قد صرّح، في وقتٍ سابق، أنّ الإقامة في الفنادق للإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من مناطق الاشتباكات تكلّف ميزانية الدولة حوالي 376 مليون دولار شهريا.
من جانبه، قال حمزة سويدان المجنّد في الجيش الإسرائيلي من سكّان قرية عرب العرامشة، أنّه انضم إلى الجيش من أجل مساعدة الأهالي في المنطقة.
وأشار سويدان إلى أنّ "الناس يشعرون بالقلق ولديهم خشية من المستقبل، وأنهم خائفون من الهجمات في المنطقة".
يمكن رصد آثار الدبابات على الطرقات التي سارت فيها قرب الحدود، حيث صرّح سكان قرية عرب العرامشة أنّ "زجاج المنازل تُكسر نتيجة الضغط الناجم عن إطلاق النار من الدبابات الإسرائيلية نحو الجانب الآخر من الحدود".
كذلك يمكن رؤية انهيار إحدى الكتل الخرسانية للجدار على الخط الحدودي مع لبنان، حيث أشار سكّان المنطقة إلى أنّ ذلك وقع قبل شهرين من جرّاء مقذوفات انطلقت من الجانب اللبناني.
وفي الأيام الأولى للأحداث في قطاع غزة، تمركز الجنود الإسرائيليون في منازل المدنيين وراقبوا الحدود منها.
وأفاد سكّان المنطقة بأنّ جنوداً إسرائيليين فتحوا النار على وحدة عسكرية إسرائيلية متمركزة في المنطقة وأصابوا جنودهم بـ"نيران صديقة"، عندما احتدمت المواجهات على الحدود اللبنانية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتداول سكّان المنطقة مقاطع مصورة عبر هواتفهم المحمولة للحظات "اختباء دبابات الجيش الإسرائيلي خلف المنازل في القرية وإطلاق نيرانها نحو لبنان، مع رصدها لأي تحركات في الحدود".
ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يتبادل "حزب الله" وفصائل فلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي قصفاً يومياً متقطعاً، حيث أدّى هجوم نفّذه الحزب عبر مضاد دبابات إلى مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخر في اليوم الـ11 من الشهر ذاته.
ومع تصاعد حدة الاشتباكات على الحدود اللبنانية، قرّرت إسرائيل إخلاء القرى الواقعة على بعد كيلومترين من الحدود في 15 أكتوبر/تشرين الأول، وزادت هذه المسافة إلى 4 كيلومترات في 22 تشرين الأول.
وأسفر تبادل القصف وإطلاق النار بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي عن مقتل 24 مدنياً لبنانياً و113 من عناصر "حزب الله"، و5 مدنيين و6 جنود إسرائيليين، كما اضطر نحو 65 ألف مدني لبناني للنزوح بسبب القصف الإسرائيلي على مناطق جنوب لبنان والمواجهات الدائرة في المنطقة.