فلسطين أون لاين

​في الذكرى الــ(27) طمس الهوية المقدسية لا يزال يتصدر أهدافه

سنواتٌ طِوال مرت على مجزرة الأقصى والاحتلال لا يكل

...
القدس المحتلة / غزة - نور الدين صالح

يوافق اليوم الذكرى الـ(27) لمجزرة الأقصى الأولى، التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين عام 1990م، وهي إحدى أبرز المجازر الأكثر دموية بحق المقدسيين.

وبإلقاء نظرةٍ خاطفة على أحداث المجزرة، فقد استيقظ أهالي المدينة العتيقة في صبيحة الثامن من أكتوبر عام 1990م على محاولة متطرفين يهود ممن يطلق عليهم جماعة "أمناء جبل الهيكل" وضع حجر الأساس لما يُسمى "الهيكل الثالث" في ساحة المسجد الأقصى المبارك.

لم يرُق المصلين ما حدث، إذ اندفع أهل القدس كعادتهم لمنع المتطرفين من ذلك، ما أدى إلى وقوع اشتباك بين المصلين البالغ عددهم 4 آلاف مصلٍّ، والمتطرفين اليهود الذين يقودهم "غرشون سلمون".

وفي أثناء ذلك تدخل جنود الاحتلال الموجودون في ساحات المسجد، وأمطروا المصلين بزخاتٍ من الرصاص دون تمييز، ما أدى إلى استشهاد 21 فلسطينيًّا، وإصابة 150 آخرين بجروح مختلفة، واعتقال 270 شخصًا، وأعيقت حركة سيارات الإسعاف، وأصيب بعض الأطباء والممرضين في أثناء تأدية واجبهم الوطني، ونقل الشهداء والجرحى بعد 6 ساعات من بداية المذبحة.

ونقلت وكالة "قدس برس" عن شهود عَيان أن أحد جنود الاحتلال المتمركزين قرب "باب الأسباط" أحد أبواب المسجد الأقصى كان يحرك رأسه، متوعدًا الشبان الوافدين إلى المسجد.

وقال شاهد: "قبل المجزرة بنصف ساعة وضعت قوات الاحتلال الحواجز العسكرية في كل الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى، لكن المصلين كانوا قد تجمعوا في المسجد قبل ذلك التوقيت بساعات".

وأضاف: "كان جيش الاحتلال جاهزًا، بمجرد بدء الاشتباكات، بدأ بإطلاق النار من أسلحة أوتوماتيكية، فضلًا عن إطلاق قنابل الغاز السام، وكانت الطائرات المروحية العسكرية تحوم فوق المكان، واستمر إطلاق النار من الجيش والمستوطنين مدة 35 دقيقة".

ويحكي رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث د. ناجح بكيرات _وهو أحد الشهود العيان على المجزرة_ أنه كان يجلس برفقة مجموعة من المصلين في ساحة المسجد الأقصى.

وبين بكيرات خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين" أنه عند الساعة 10 صباحًا من ذاك اليوم اعتدى الاحتلال على الموجودين في المكان، وأخذ يضربهم على رؤوسهم دون تمييزٍ بينهم.

وقال: "إن الاحتلال لم يوفر أي فرصة للإمعان في القتل، فاستخدم الرصاص الحي والهراوات وهاجمَ المصلين بوحشية، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الجرحى".

وأضاف: "إن الاحتلال أراد من ذلك كله إيصال رسالة إلى المقدسيين، أنْ لا تفكروا في العودة إلى الصلاة بالمسجد الأقصى مرة أخرى".

وفي سياقٍ ذي صلة ذكر بكيرات أن الاحتلال أراد من المجزرة تفريغ الأرض الفلسطينية من أهلها، موضحًا مقصده: "الهدف تجفيف الوجود الإنساني من أجل تحقيق الحلم الإسرائيلي".

وبحسب قول بكيرات إن أبرز ما أنتجته المجزرة برنامج يرتكز على استمرار اقتحامات الجماعات المتطرفة، وبناء جدار الفصل العنصري، إضافة إلى تكثيف الاستيطان.

من جانبه قال د. حسن خاطر الخبير في الشأن المقدسي: "إن المجزرة جزء من سلسلة طويلة من المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد المسجد الأقصى، على مدار عقود طويلة".

وأضاف خاطر خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال يسعى بهذه الجرائم إلى إزالة المقدس الإسلامي (الأقصى) من الوجود لهدف إستراتيجي، هو طمس هوية المدينة المقدسة".

وذكر أن الاحتلال يريد تغيير كل معالم المدينة وإزالتها من الوجود، واستبدال بها معالم يهودية، وفي سبيل ذلك نفذ العديد من المحاولات على مدار سنوات طويلة.

وأضاف: "كل ما يحدث في الأقصى ليس مصادفة أو استعراضًا، إنما هو مخطط مدروس مقدمًا، وله أهداف يريد الاحتلال تحقيقها"، منبهًا إلى أن العدوان والدمار والخراب عمل مستمر ومتواصل من الاحتلال لم يتوقف مطلقًا.

وتابع خاطر: "إذا نجح الاحتلال في تحقيق هدفه؛ فستتفجر كارثة ولن يمر الأمر مرور الكرام، كونه يمسّ بالمشاعر الدينية".

ولفت إلى أن "الاحتلال يكذب على نفسه، ويظن أنه بتخريب الأقصى سيتمكن من بناء هيكل على أنقاضه، وهو أمر لا يمكن حدوثه".

تجدر الإشارة إلى أنه مع مرور 27 عامًا على مجزرة الأقصى الأولى جرائم الاحتلال لم تتوقف حتى اللحظة، من اقتحامات واعتداءات على المقدسيين وقبة الصخرة.

ومن الجدير بالذكر أن الوقائع والأحداث التي جرت في القدس بعد احتلال الضفة الغربية كاملة عام 1967م تُشير إلى أن مخطط التهويد للأماكن المقدسة قد بدأ إعداده، والعمل على تنفيذه خطوة خطوة، منذ إعلان القدس "عاصمة موحدة" لكيان الاحتلال.