فلسطين أون لاين

​عمل الخير والابتلاءات.. استمر بالأول ولا تيأس بسبب الثانية

...
غزة - فاطمة أبو حية

قد يُكثر المسلم من عمل الخير وفعل الصالحات، ومع ذلك يعيش في ظروف صعبة في جوانب مختلفة من حياته، فيربط بين الأمرين، مستغربًا كون العمل الصالح لم يبعد عنه الابتلاءات، وربما يتسلل اليأس إلى نفسه، أو يظن أن عمله غير مقبول عند الله، لكن الأمر في حقيقته ليس كذلك.

بمعزل عن أي مردود

يقول الداعية مصطفى أبو توهة لـ"فلسطين": "إن من مرادفات الإسلام في كتاب الله (تبارك وتعالى) عبارة "ما ينفع الناس"، حين قال (عز وجل): "فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، والمقصود بالزبد الشرك والكفر، والمقصود بما ينفع الناس هو الإسلام والإيمان".

ويضيف: "ومن هنا نقول إن الإسلام هو حركة إيجابية يتعدى خيرها إلى غيرها بمنأى ومعزل عن أي نتيجة أو مردود، فإن المسلم كالنحلة أينما وقع نفع، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالعمل الصالح، وليس فقط عمل الخير، فعمل الخير يمكن أن يفعله الكافر والمنافق والصالح، لكن صلاح الأعمال يتحقق عندما تتسم بالتجرد والبراءة من أي شائبة من مراءاة أو تسميع، فالمسلم إذا فعل الصالحات فإنه يفعلها وشعاره: (وما لأحد عنده من نعمة تُجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى)، وقوله (تعالى): (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورًا)".

ويتابع: "ولما كانت الحياة كلها مبنية على التمحيص والابتلاء؛ فإن فاعلي الصالحات لابد أن يمحصوا بالكفران والنكران من قبل الآخرين، فإذا تجردت أعمالهم من أي مصلحة أو مأرب، فإنهم لا يبالون أعرف الناس أم أنكروا، ولا يعبؤون أشكروا أم كفروا، وهذه طبيعة الحياة أن الناس قلّما يعترفون لأهل الصلاح بالصلاح، ولسان حالهم أنهم يريدون أن يطفئوا الشمعة التي تذيب نفسها من أجل الآخرين حسدًا وبغضًا".

ويواصل أبو توهة: "لكن الإنسان الصالح يمضي في طريقه ولا يلوي على شيء، فإذا تنكر الناس فإن المعروف محفوظ عند الله (تعالى)، والناظر في سيرة بعض الباذلين من أجل الوطن والدين ربما يجدهم في وضعية حياتية لا يحسدون عليها، هذا فيما يبدو، لكن واقع الأمر الذي يغيب عن قاصري النظر أن هؤلاء الباذلين المحرومين والمعطين الفاقدين يجدون سعادة لو يشعر بها الملوك لجالدوهم عليها بالسيوف".

ويكمل: "فإن النبي (عليه الصلاة والسلام) كان أكرم الناس وأجودهم، ومع ذلك كان يبيت في ليالٍ عديدة طاويًا على بطنه، ولا يُوقد في بيته النار مدة شهر وشهرين، كما قالت عائشة، ومن هنا نقول إن الكريم المحروم يكفيه شرفًا أن يتبوأ تمام فضيلة الإيثار، فالذين يؤثرون على أنفسهم _ولو كان بهم خصاصة_ شهد الله لهم بقوله: (أولئك هم المفلحون)".

ويختم أبو توهة حديثه بالقول: "فهنيئًا لكل من جاد وسخي بما لديه عن حاجة وفاقة سعادة في الدنيا، وأجر عظيم أعده الله (تعالى) لمن صبروا ففازوا بجنة عرضها السماوات والأرض، أُعدّت للمنفقين في السراء والضراء".