فلسطين أون لاين

مرحلة يتمركز فيها المراهق حول ذاته.. 

تقرير كيف تعلم ابنك المراهق معنى الامتنان وأثره في الحياة؟

...
توضيحية
غزة/ هدى الدلو: 

يصل والده الليل بالنهار في العمل لأجل توفير احتياجات أسرته، في حين تهتم والدته بأدق تفاصيل حياته، وتسعى لرؤيته ذا شأن، إلا أن "وسام" البالغ من العمر خمسة عشر عامًا تجده غير ممتن لوالديه، ما جعلهما يشعران بخيبة أمل.

تتحدث والدته بأنه دائمًا ما يعبر ابنها عن رغباته بطريقة غير مناسبة ويتصرف بغرور تجاه والديه، كأن لا يأخذ تضحياتهما على محمل الجد، ولا يظهر أي تقدير لما يفعلونه من أجله، ويرفض الاستماع لنصائحهما ويفضل أفعاله الخاصة حتى لو كانت مضرة له.

تقول الأم: "في أحد الأيام اشتد الخلاف بين وسام ووالده، وخرج من المنزل في حالة غضب، متجاهلًا تحذيراتي، وانطلق إلى الخارج دون أن يعير أهمية لكلامي. انتظرت تلك اللحظة التي يدرك فيها خطأه تجاهنا واستحقاقنا لسلوك أفضل من الذي أظهره يعبر فيه عن قيمة والديه ودورهما الكبير في حياته، لكن ذلك لم يحدث".

اقرأ أيضا: "اكتئاب المراهق".. حالة عابرة يتجاوزها وأسرته بالاحتواء والتواصل

وتضيف الأم أنها ووالده يدركان مثل هذه المشاعر التي يمر بها الأبناء في سن المراهقة، فهي مرحلة انتقالية من حياتهم، "لكن بعض التصرفات تجعل الآباء يشعرون بنكران الجميل أمام الجهود الكبيرة التي يبذلونها لتوفير احتياجات أبنائهم ودعمهم في مختلف المجالات، ولكن يبقى المراهق غير مدرك لتلك التضحيات".

ويعرف الامتنان بأنه الشعور بالشكر والاعتراف بالجميل تجاه الأشياء الإيجابية التي يمنحها الآخرون للشخص، سواء كان ذلك من خلال الأفعال أو الكلمات أو الهدايا، إنه عاطفة إيجابية تنبع من القلب وتعكس الشكر والامتنان لمن قدم المساعدة، والعون، أو الدعم، سواء في المواقف الصعبة أو اللحظات السعيدة.

كما يعد من الفضائل الإنسانية النبيلة التي تعزز التواصل الإيجابي مع الآخرين، ويُسهم في بناء العلاقات القوية والصحية. 

تمركز حول الذات

وتوضح الاختصاصية الاجتماعية نداء العمور أن نكران المراهق للجميل وعدم تعبيره عن مشاعر الامتنان تجاه الآخرين قد يكون ناتجًا عن عدة أسباب، منها الشعور بالنضج بفعل تغيّرات هرمونية وإدراكية وعاطفية كبيرة تؤثر في نظرة المراهق إلى الحياة والتفاعل مع الآخرين، كما يعد تأثير الأقران أيضا عاملا مهما، إذ غالبا ما يعطي المراهقون الأولوية لآراء أقرانهم.

وتلفت إلى أن المشكلات الشخصية والتحديات التي قد تواجه المراهق تؤثر في قدرته على التعبير عن الامتنان، فقد يكون لديه مشاعر غير محددة تجاه الأشخاص الآخرين، أو قد يكون يعاني مشاعر سلبية تؤثر في تفاعله معهم.

وتقول العمور: "يميل المراهقون إلى الاهتمام بالذات وبناء هويتهم الشخصية أكثر، وهذا يجعلهم أقل اهتمامًا بالتفاعل مع الآخرين وتعبير الامتنان تجاههم، إلى جانب الضغوط الاجتماعية والنمط الثقافي، فقد تؤثر في قدرته على التعبير عن مشاعر الامتنان، وقد يكون هناك اعتقادات تقليدية أو اجتماعية تمنع المراهق من التعبير عن الشكر والامتنان بشكل صريح".

وقد يحمل المراهق نمطاً شخصياً يتسم بعدم التعبير الواضح عن المشاعر أو قد يكون أكثر حذرًا في التعبير عن الامتنان، وتأثر مزاجه وسلوكه بسبب التغيرات الفسيولوجية التي يمر بها في هذه المرحلة، وفق العمور.

لذلك تشدد الاختصاصية الاجتماعية على ضرورة مساعدة المراهق في فهم أهمية الامتنان وتعزيز قدرته على التعبير عن المشاعر الإيجابية نحو الآخرين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التواصل الفعال وتقديم الدعم والتشجيع للتعبير عن مشاعره والاهتمام بالآخرين.

وتلفت في الوقت نفسه إلى أن المراهقين قد يُظهرون إحساسا باستحقاق معاملة خاصة أو مكافآت دون بذل الجهد اللازم. وقد يحاول الجاحدون منهم التركيز على ما ينقصهم بدلا من الاكتفاء بما لديهم، والحصول على الامتيازات كأمر مسلّم به، ويجدون صعوبة في تحمل المسؤولية عن أفعالهم، وغالبا ما يلومون الآخرين على أخطائهم.

إرشادات ونصائح

للتعامل مع المراهق "ناكر الجميل" وتعليمه معنى الامتنان، يُنصح باتباع بعض الإجراءات والنصائح لتحسين علاقته مع الآخرين وتعزيز فهمه للامتنان والتقدير، مبينة أهمية التواصل الفعال معه والاستماع لمشاكله والاهتمام بما يشغله عقليًا وعاطفيًا، فقد تكون التجارب والمشاعر التي يعيشها تؤثر في موقفه من الامتنان.

وتنصح العمور بتجنب طلب الامتنان، فهو عاطفة يجب الشعور بها، "إلا إذا كنت تريده أن يقول: شكرا، بلا شعور".

كما يجب تقديم نماذج حسنة للامتنان والتقدير، سواء بواسطة تجارب الوالدين الشخصية أو من خلال قصص ناجحة لأشخاص آخرين، وتشجيعه على التعبير عن مشاعره، مع شرح معنى الامتنان وأهميته في حياة الشخص لكونه يساعد في تعزيز العلاقات الاجتماعية ويسهم في تحسين الصحة النفسية.

وتلفت العمور إلى أن العمل التطوعي قد يكون فرصة للمراهق للتعبير عن الامتنان، إذ يساعده على مساعدة الآخرين والمساهمة في المجتمع، وفي حالة حدوث سلوك غير مقدر أو نقص في الامتنان، حاول التحدث مع المراهق بصدق وتوضيح التأثير السلبي لهذا السلوك في الآخرين وفي العلاقات الاجتماعية.