بمجرد أن رنّ هاتف حازم الشوا، بشكل مفاجئ، تسارعت نبضات قلبه عله يسمع خبر يجيب عن تساؤلاته حول مصير شقيقته "سلوى" وزوجها "إيهاب بدرة"، وأطفالهما الأربعة "مهند، سما، أيهم، وآية" بالإضافة إلى والده طبيب الأطفال المسن الدكتور أكرم طلال الشوا؟، الذين اختفوا في ظروف غامضة بالثالث من ديسمبر 2023م.
وانقطع التواصل مع عائلة الشوا، والقول لـ"حازم" في اليوم الثالث بعد انتهاء الهدنة التي وقعتها حركة المقاومة الإسلامية حماس والاحتلال "الإسرائيلي" برعاية دولية في الـ 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والتي استمرت ستة أيام، وبعد تقدم تلك القوت من مكان إقامة أفراد العائلة.
وكانت الهدنة بارقة أمل لـ"حازم" الذي نزح من مدينة غزة إلى رفح، ثم انتقل إلى دير البلح وسط القطاع، ليبقى على تواصل مع عائلته في تلك الفترة بعد أن فقد الاتصال طوال الفترات الماضية.
قُطع الاتصال
وقال الشوا: إنه كان يتصل بشكل يومي بشقيقته ووالده، ليتأكد أنهم بخير وأنهم في منزلهم بحي الرمال في مدينة غزة، والمكون من سبع طبقات والذي يعتبر حضن العائلة طوال سنوات عديدة.
ولكن في 3 ديسمبر 2023م، والقول للشوا، أي بعد يومين من انتهاء الهدنة، انقطعت الاتصالات تمامًا فحاول "حازم" الاتصال مرارًا وتكرارًا بشقيقته وزوجها ووالده، لكن دون جدوى، ليبدأ الخوف يتسلل إلى قلبه، والأفكار السوداء تملأ رأسه: "أين هم؟!، ماذا حدث لهم؟!، هل تم استهداف المنزل؟!".
ورغم صعوبة الوضع وسوء الإرسال، استطاع "حازم" في الأيام التالية أن يتواصل مع بعض الجيران القاطنين بالقرب من منزل عائلته. ليخبروه في البداية، أنهم بخير، وما زالوا في المنزل.
ويكمل الشوا بالقول: كان لهذه الأخبار أثر طيب على قلبي، لكنها لم تستمر طويلاً فمع تقدم القوات "الإسرائيلية" المتوغلة في المنطقة، انقطعت الاتصالات مرة أخرى، وابتعدت أخبار عائلتي وبدأ الخوف يراودني حول مصيرهم.
وأمضي بالقول: "استمر الانقطاع لأسبوعين كاملين، وكأن الزمن قد توقف"، مردفًا وبعد محاولات تمكّنت من الاتصال ببعض الجيران فتضاربت الروايات فالبعض قال: إن عائلتي غادرت المنزل بسلام، بينما نفى آخرون ذلك، فلم تكن هناك إجابة واضحة، وبدأت تزداد في قلبه مع كل يوم يمضى دون أن أعرف عنهم شيئًا.
البحث عن مجهول
ولفت الشوا، إلى أنه بدأ رحلة البحث عن عائلته ولم يترك مكانًا في القطاع، إلا وطرق بابه، متنقلاً بين مقرات الإسعاف والطوارئ، ومطلعًا على كشوفات الشهداء والجرحى يوميًا، لكنه لم يجد أثرًا لعائلته.
وأضاف: أنه اطّلع على قائمة جديدة لبعض الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال، كان قلبه يخفق بين الأمل واليأس، لكنه لم يعثر على أسمائهم، لا بين الأحياء ولا الأموات.
وما زاد من قلق، الشوا، وفق ما قاله لـ"فلسطين أن لاين" حديث الجيران عن مصير منزلهم فأخبروه أن الاحتلال قد نسف المنزل، وأنه لم يبق منه شيء، لافتًا إلى أن تلك الأخبار كانت كالصاعقة على قلبه، وأخذ يتساءل: أين يمكن أن تكون عائلتي؟، وهل كانوا داخله؟، أم خرجوا قبل الهجوم؟".
في محاولة يائسة، والقول للشوا، "اتصلت باللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكنت أتوقع أن تقدم لي بعض الأجوبة، لكن الرد جاء قاسيًا فاللجنة أخبرتني أنها لا تعمل في مدينة غزة وشمالها، وأنها لا تستطيع مساعدته في تحديد ما إذا كانت عائلته قد اعتُقلت أو لا".
ولا يزال الشوا، يتشبّث بالأمل، على الرغم من كل الصعاب ويتمنى من أعماق قلبه أن تكون شقيقته، وزوجها، وأطفالهم، ووالده، أحياء في مكان ما، ربما محتجزين لدى الاحتلال، فكل ما يريده هو خبر، مهما كان، يضع حدًا لهذه الحيرة القاتلة.
مر أكثر نحو أحد عشر شهرًا على بداية الحرب المدمرة التي تشنها سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر 2023م، مخلفة نحو 42 ألاف شهيدًا من المدنيين، وما يزيد عن 95 جريح معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن إلى جانب مايزيد عن 10ألاف مفقود.
ويتعمد الاحتلال "الإسرائيلي" منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، تدمير المنازل السكنية ومركزا الإيواء المأهولة على رؤوس قاطنيها.