فلسطين أون لاين

تقرير المنقذون البحريون.. سدٌّ منيعٌ للمصطافين أمام خطر البحر

...
المنقذون البحريون.. سدٌّ منيعٌ للمصطافين أمام خطر البحر
غزة/ أميرة غطاس:

يعتلي سامي فرحات برج الإنقاذ البحري، يراقب المصطافين على شاطئ البحر مدار ساعات متواصلة المصطافين، وعبر مكبر للصوت وصفارة يوجههم نحو مواقع السباحة الآمنة.

فرحات (49 عامًا) يعمل منقذًا بحريًا منذ 23 عامًا، وهي مهنة موسمية تنشط مع دخول فصل الصيف، وإقبال الناس على الاصطياف البحري في ظل ارتفاع درجة الحرارة وانقطاع الكهرباء لعدة ساعات، إذ بات بحر غزة المتنفس الوحيد لأهلها وقبلتهم الأولى للاستجمام.

يبدأ عمل فرحات من الساعة السادسة صباحًا وحتى الثامنة مساءً، ويقول: "هذه المهنة إنسانية بالدرجة الأولى، إذ نعمل على إنقاذ الأرواح وتقديم المساعدة في حالات الطوارئ وإعطاء الإسعافات الأولية للغرقى".

ثلاث رايات

وعن الأماكن التي تكون صالحة للسباحة، ينبه إلى أن المنقذ ومن واقع خبرته يعرف مدى صلاحية المناطق للسباحة من عدمها، وبناءً على هذه الخبرات نضع الرايات والأعلام ذات الألوان الثلاثة: (الأسود، الأحمر، الأصفر).

ويدُل اللون الأسود على الخطر ومنع السباحة مطلقًا، في حين يشير الأحمر إلى إمكانية السباحة مع وجوب الحذر، وأما الأصفر فعلامة على انخفاض الموج والسماح بالسباحة.

ويستذكر فرحات موقفًا صعبًا تعرض له في مشواره المهني، حين كان يعتلي البرج ويراقب حركة المصطافين وينادي محذرًا من يتجاوز الأعلام، "فوقعت عيني على مجموعة شبان يلعبون مع بعضهم، فإذ بي أرى شابًا ينحني برأسه إلى البحر، فانتظرت ثوانٍ علّه يرفعه، غير أنه لم يفعل".

ويضيف: "هرعت إلى الشاطئ أركض حتى وصلت مكانهم، فإذا بالشاب كان قد أوشك على الموت، حملته وأسعفته وفق خبراتنا، ثم استدعيتُ الإسعاف وأُنقذ بفضل الله".

ويهيب فرحات بالأهالي والمصطافين بأن ينتبهوا على أبنائهم ويعتنوا بالأماكن التي يختارونها في الاستجمام والسباحة، حتى لا تنقلب الفرحة حزنًا وحسرة بعد ألا ينفع الندم، مؤكدًا أن سلامة المواطنين هي ما تعني المنقذ بالتحديد.

وينتظر المنقذون حلول الصيف وبدء موسم الاستجمام على شاطئ البحر؛ لكسب رزقهم. في حين يعمل آخرون تطوعًا بالنظر للأعداد الكبيرة التي تتوافد على طول ساحل بحر غزة، إذ تمتد منطقة عمل المنقذين من منتجع "البلو بيتش" السياحي شمال قطاع غزة وحتى منطقة رفح جنوبًا.

ويبدأ موسم هذه المهنة من مطلع مايو/ أيار وحتى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين أول كل عام.

ويخوض عشرات المنقذين البحريين اختبارات نظرية وعملية، لتأهيلهم للعمل في هذه المهنة الإنسانية التي تساهم في الحفاظ على أرواح الأشخاص الذين قد يتعرضون للغرق.

المنقذ عزام بكر (30 عامًا) يحرص على الوصول إلى شاطئ البحر في ساعة مبكرة يوميًا، ولا سيما وأن بعض العائلات تفضل السباحة في ساعات الصباح الأولى، "وهم غالبًا لا يدركون خطورة السباحة قبل دوام المنقذين".

وعن أبرز الصعوبات التي يواجهها، يعقب: "الكثير من المواطنين لا يسيرون وفق تعليماتنا والقرارات المتعلقة بالأماكن المثلى للسباحة بالرغم من أن هذه التعليمات في سبيل الحفاظ على حياتهم وتأمين رحلتهم".

وبكر يعمل في هذه المهنة منذ العام 2013، "وهي مهنة ليست سهلة، بل هي من الوظائف التي تحتاج إلى دقّة وانتباه شديدين، خاصّة وأنها مهمة تتعلق بأرواح الناس".

اختبارات المنقذين

ويتفق المنقذ علّام زغرة (33 عامًا) مع سابقه، بأن الإنقاذ البحري، مهنة تحتاج إلى تركيز عالٍ وبراعة في المراقبة وحذق في التعامل مع المصطافين، "خاصة وأننا نتعامل مع كل فئات الناس، الكبير والصغير المتعلم وغير المتعلم".

ويؤكد على أهمية مهنة الإنقاذ لكونها متعلّقةً بالأرواح البشرية، وتوفر الأمان في البيئة البحرية مضيفًا: "من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا". 

بدوره، يقول رئيس شعبة الإنقاذ البحري في بلدية غزة إبراهيم شملخ: إن اختيار المنقذين يكون عبر فتح باب التسجيل للمهنة، واختيار 58 من أصل 300 متقدم.

ويشير "شملخ" إلى أهمية الاختبارات العملية لاختيار المنقذين، إذ تكون بوضع ثقل بوزن 3 كيلو على مسافة 150 مترًا داخل البحر، ليدخل المتقدم لجلب هذا الثقل بالسباحة ثم الخروج للشاطئ.

ويبين أن المنقذين البحريين يتوزّعون على 22 نقطة، ويتواجد على كلّ برج شخصان، مشيرًا إلى أن عدد النقاط المنتشرة على الشاطئ غير كافية ولا تغطي مساحات البحر كافة، وإنما المناطق التي يتوقع أن تشكل خطورة عالية على المصطافين.