فلسطين أون لاين

تقرير في عيد الأضحى.. عادات وتقاليد فلسطينية متوارثة وطقوس احتفالية

...
في عيد الأضحى.. عادات وتقاليد فلسطينية متوارثة وطقوس احتفالية
غزة/ هدى الدلو:

 

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تتنعم البلاد الفلسطينية بروح الاحتفال والتقاليد المتوارثة التي تحمل معها الألفة والترابط الاجتماعي وتعكس الروح الدينية والهوية الثقافية الفلسطينية.

فتستقبل السبعينية سبأ تفاحة المكنية بـ"أم أيمن" عيد الأضحى بكل بهجة وسرور، وتبدأ بالتجهيزات له مع بزوغ هلال ذي الحجة، إذ تشرع بتنظيف البيت وإعداد الكعك والمعمول كأحد الموروثات للضيافة العيد بحضور عدد من قريباتها.

في صباح يوم العيد، يلبس الأهالي والأطفال أجمل ملابسهم، ويتوجهون إلى المساجد لأداء صلاة العيد، وتعد هذه الصلاة مناسبة للتواصل الاجتماعي والتبادل التهاني بين الناس، إذ يلتقي الأهل والأصدقاء والجيران في المساجد، ويتبادلون التهاني والأمنيات.

وتستذكر أم أيمن من نابلس بعض أهازيج وداع واستقبال الحجاج، وتقول: "أتذكر ما كانت تقوله أمي وجدتي في ذلك: يا راحلين إلى مِنًى بقيادي… هيّجتمُ يوم الرحيل فؤادي، كما كان يردد على مسامع الحاجات العائدات من أداء مناسك الحج" مسعدة يا حاجة وزرتي المدينة، ومسعدة يا حاجة يا ليالي الهنا، ومسعدة يا حاجة نلتي هالحجة، وعلى بئر زمزم وتوضأ الرسول".

أكلات تراثية

وتتمسك الخمسينية خيرية اسكافي من مدينة غزة وغيرها الكثيرات من العائلات الفلسطينية بتقليد إعداد خبز الصاج (الشراك) قبل يومين من حلول عيد الأضحى، قائلة: "كنت أرى والدتي تعد هذا النوع من الخبز الذي يدخل في إعداد أطباق العيد قبل حلوله لعدم وجود متسع من الوقت، وللتفرغ في يوم العيد لاستقبال الضيوف".

وأحيانًا تشترك مع قريباتها في إعداد خبز الصاج قبل ذبح الأضاحي، ويوزعن عن الجارات اللواتي لا يجدن إعداده، مشيرةً إلى أن أهالي مدينة غزة يجهزوا طبق الفتة مع لحم الأضاحي، فأهل الضفة يعتمدوا وجبة المنسف في أول يوم العيد.

وتطرقت اسكافي لبعض الأكلات التراثية التقليدية التي يصنعها الفلسطينيون في العيد مستخدمين لحم الأضاحي كالسماقية، والمقلوبة، والمفتول والمشاوي، ويُتناول بشكل مشترك، ويُعدّ "المعلاق" على وجبة الإفطار.

وتبين أن الفلسطينيين يعتمدوا الكعك والمعمول في الضيافة للحفاظ على العادات والتقاليد، وبعض العائلات تعتمد الحلقوم "الراحة" التي كانت تُصنع في البيت بماء الزهر أو المكسرات.

وتُقام بعض الطقوس الاجتماعية والعائلية، كالعروض الشعبية والألعاب التقليدية، ويشارك الأطفال والشباب في الاحتفالات الشعبية والمسابقات الرياضية والفنية.

في حين الشابة العشرينية لينا الكحلوت التي تساعد والدتها في تنظيف المنزل وتجهيزه لاستقبال الضيوف، ويجدد البعض الأثاث وتزيين المنازل بالزينة والأضواء ليعكسوا أجواء البهجة والسعادة باستقبال عيد الأضحى المبارك.

وتشارك والديها في شراء ضيافة العيد وتزيين البيت وعمل توزيعات خاصة بالأطفال تكون على شكل "خروف" لتعريفهم بالشعائر الدينية، وتلفت إلى أنه مع مرور الزمن وتطور التكنولوجيا، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا في مشاركة الفرحة والتهاني بين الأصدقاء والأقارب، إذ يُتبادل التهاني والصور والفيديوهات عبر الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي.

عادات مجتمعية

ومن جهته يتحدث مدير مركز سنابل للدراسات والتراث الشعبي د. إدريس جرادات لصحيفة "فلسطين" بأن عيد الأضحى مناسبة تتجسد فيها القيم الدينية والاجتماعية، ويتجلى فيه الترابط العائلي والمجتمعي، ولا تزال تعكس مظاهر الاحتفال فيه التراث والهوية الفلسطينية، ويعزز روح الألفة والتضامن بين أفراد المجتمع.

ويشير إلى أن هناك تحضيرات لعيد الأضحى خاصة بالمرأة وأخرى بالرجل، إذ يقع على الأولى مهمة تنظيف البيت، وإعداد كعك العيد، وتحضير الأضحية، في حين أن الرجل فعليه جلب مستلزمات العيد من مأكولات ومشروبات وكسوة العيد لكبار السن والأطفال والنساء.

ويوضح جرادات أن إعداد كعك العيد يكون بتجمع مجموعة من النسوة مع بعضهن البعض ليتم تحضيره بمهارة وإشراف سيدة لها خبرة في المجال، وتكون هذه الجلسة عبارة عن ملتقى ثقافي وتربوي واجتماعي وسياسي واقتصادي، ولحل المشاكل أو افتعالها، أو حتى للزواج.

أما بالنسبة لتحضير الأضحية وتنظيفها، فبين أنه إذا كانت المضحية امرأة فإنها تقوم بوضع الحنة على الأضحية وتكحيلها كنوع من الزينة، ويوم النحر تمطي ظهرها.

وفي صباح العيد يذهب الرجال إلى الصلاة في المسجد ويقفون في صف واحد للمعايدة قبل العودة إلى بيته والانطلاق لزيارة القبور خاصة للسلام على المتوفي والدعاء له وقراءة الفاتحة، ثم يعود للبيت لأجل النحر وفتح باب الضيافة للتزاور بين الأقارب والأهل كأسرة ممتدة.

ويتابع جرادات حديثه: أما العيد فيكون أيضًا للخطيب والعروس والعريس، فالأول يكون فيه نوع من المباهاة والمغالاة، فيهدي قطعة ذهب، أو مستلزمات عمل غذاء أو عشاء أو كسوة ملابس، وفي أول عيد للعروس يتباهى أهلها في العيدية ليظهروا سخائهم وعطائهم، أما العريس الذي يحاول في العيد الأول أن ينال رضا أم زوجته "حماته".

وفي الماضي كانت تقتصر العيدية للرحم والولايا على قطع من لحم الأضحية، وتحولت لفترة من الزمن لمبلغ مالي نقدي، وبعض العائلات تجمع بينهما في عيد الأضحى.

ويلفت جرادات إلى أن يوم العيد يعد فرصة للصلح والسلم الأهلي، إذ يجتمع الرجال لإنهاء بعض الخلافات.

ولا يخلو يوم العيد من بعض المنغصات كحدوث بعض المشاكل العائلية، إضافة إلى منغصات الاحتلال الإسرائيلي ففي العيد الماضي تعمد الإفراج عن جثمان شهيد، ما اضطر العائلة لتأجيل ذبح الأضاحي لليوم الثاني، وإغلاقه لبعض الطرق والحواجز ما يعيق جولات الزيارة، إلى جانب المواجهات التي توقع جرحى وشهداء.