لمكانة غرفة العمليات المشتركة في وجدان الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وللسمعة الطيبة التي رسمتها الغرفة المشتركة في عقول الشعوب العربية، وللحضور الفاعل للغرفة المشتركة ميدانيًّا وسياسيًّا في قرار المقاومة الفلسطينية، كان لحديث عضو المجلس العسكري لكتائب القسام أيمن نوفل عن الغرفة المشتركة قيمة عسكرية ومعنوية، لا يمكن القفز عنها، ولا سيما أن حديث الرجل قد انصب على ماهية الغرفة، ودورها في القرار السيادي الفلسطيني، وأن تشكيلها حاجة ملحّة للتنسيق والتعاون الميداني بين التنظيمات الفلسطينية المقاومة، وأن وجودها يعني وحدة القرار في المواجهة والتهدئة.
وجود غرفة العمليات المشتركة يعني وصول المقاومة الفلسطينية إلى درجة من النضج، بحيث لا يمكن الإقدام على الحرب والمواجهة إلا بقرار موحد وجماعي ومدروس، كما يقول أيمن نوفل، ويراعي مراكمة القوة، والقدرة على تسديد ضربات مُوجعة للعدو، ومن ثم اختيار توقيت المعركة ومكانها وشكلها وأدواتها، بما يخدم أهداف شعبنا، ويُلحق أقصى الضرر بالعدو، ويفشل مخططاته.
أما عن الحاجة إلى غرفة العمليات المشتركة، فإنها تقدم لكافة الفصائل التسهيلات المناسبة للعمل في جوانب متعددة، كتعزيز الاتصال بين مكونات الغرفة في الأوقات الاعتيادية وفي حالة الحرب، وتقديم تقديرات الموقف العملياتي والاستخباري، والشراكة في الدعم اللوجيستي والتسليح، وفق آليات محددة، كذلك التقدم بخطوات عملية ومثمرة نحو توحيد المعارف العسكرية للوصول لحالة فهم مشترك، وخلفية معرفية عسكرية وأمنية موحدة.
غرفة العمليات المشتركة تنعقد قبل وأثناء المعركة، وهي التي تضبط إيقاع المواجهة بالتشاور والتنسيق على أعلى المستويات، وهي التي تقرر حجم تفعيل القوة، وزمانها، ومَديات الرماية، وقوتها، وطبيعة المشاركة من الفصائل المختلفة، وفق اعتبارات تحددها قيادة الغرفة، بما في ذلك تبادل المعلومات وتقديرات الموقف لحظة بلحظة.
ورغم أهمية غرفة العمليات المشتركة، كهيئة أركان المقاومة الفلسطينية، إلا أن هناك ثلاث حالات عسكرية في قطاع غزة لا تنضوي في هذا الإطار الجامع، وهذا سلبية يجب تداركها، فطالما كان الهدف واحد، والطريق للوصول إلى الهدف واضح، فلا مبرر لأي تواجد عسكري خارج إطار هيئة الأركان، ومهما كانت التباينات الفكرية والسياسية والتنظيمية، ولا سيما بعد نجاح الغرفة في دمج 40 تشكيل فلسطيني مقاوم ضمن 10 أجنحة عسكرية، لكل جناح مرجعيته السياسية، وهذا يدلل على مصداقية الشباب المقاوم، والاستعداد للعمل الموحد، فالمقاومة ليست تشكيلات، ومسميات، وقيادات، وإنما معارك وتضحيات، تؤكدها وجود مرجعيات سياسية لكل جناح عسكري، ينضوي تحت جناح غرفة العمليات المشتركة، وهي كالتالي:
كتائب الشهيد عز الدين القسام، وتتبع لحركة حماس
سرايا القدس، وتتبع لحركة الجهاد الإسلامي
كتائب الشهيد أبو علي مصطفى وتتبع للجبهة الشعبية
كتائب المقاومة الوطنية، وتتبع للجبهة الديمقراطية
ألوية الناصر صلاح الدين، وهي الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية.
كتائب المجاهدين، وهي الجناح العسكري لحركة المجاهدين الفلسطينية.
كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح في قطاع غزة.
كتائب شهداء الأقصى- لواء الشهيد نضال العامودي، الجناح العسكري لحركة فتح في قطاع غزة أيضًا
كتائب الشهيد جهاد جبريل، وتتبع للجبهة الشعبية القيادة العامة
كتائب الأنصار، وتتبع لحركة الأحرار الفلسطينية.
هذا الأجنحة العسكرية ومرجعيتها السياسية تطرح السؤال الكبير:
ماذا تبقى من تنظيمات فلسطينية فاعلة في الميدان تنضوي في إطار منظمة التحرير الفلسطينية؟ وماذا تبقى لمنظمة التحرير من تنظيمات تقاوم المحتلين، غير تلك التي تجلس على قارعة الذكريات، تنتظر الراتب آخر الشهر؟
إن انضواء كل هذه التنظيمات المركزية والكبيرة والفاعلة في إطار غرفة العمليات المشتركة، يعني أن الشعب الفلسطيني قد أعاد صياغة منظمة التحرير الفلسطينية من جديد، ونجح في فرز قياداته الميدانية، ولم يبق إلا الحصول على الاعتراف العربي والدولي بالقيادة السياسية، أعضاء اللجنة التنفيذية الجدد، كقيادة منتخبة ميدانيًّا للشعب الفلسطيني، وهذا يفرض حراكًا تنظيميًّا وجماهيريًّا دون تردد أو انتظار.