قبل أيام، أعلنت مصادر في الجيش "الإسرائيلي" أن العمليات العسكرية على منطقة جباليا قد استنفدت نفسهاـ وعلى الرغم من "قدرة الجيش على التقدم نحو أهداف أخرى"، إلا أن أي توغل عسكري جديد في مناطق أخرى "قد يعرّض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر.
فهل الجيش الإسرائيلي ينتظر الأوامر من المستوى السياسي لينسحب من شمال قطاع غزة؟ هذا ما يقوله منطوق التصريح، وهو يؤكد على ربط الجيش "الإسرائيلي" بين حياة الأسرى "الإسرائيليين" في غزة، وبين الاعتداء على مناطق أخرى في قطاع غزة، وهذه تصريحات "إسرائيلية" أمنية لها ما بعدها من خديعة، ولاسيما أن مصادر في الجيش "الإسرائيلي" عادت اليوم الأربعاء للتمويه على مخططاتها، لتقول: أمام الجيش "الإسرائيلي" عدة أسابيع لاستكمال مهماته في شمال قطاع غزة.
تجربتنا مع الإعلام "الإسرائيلي" تؤكد أن لا خبر يصدر من فراغ، وأن وراء كل خبر قصة وحكاية، وهدف أمني أو عسكري يسعى العدو لتحقيقه، وهذا الذي استوقفني من تعارض الخبرين الصادرين عن مصدر عسكري "إسرائيلي" في غضون يومين.
إن قراءتي للخبر الذي يقول: إن الجيش "الإسرائيلي" بحاجة إلى عدة أسابيع لاستكمال مهماته في شمال قطاع غزة، يضعنا امام احتمالين:
الاحتمال الأول: أن الجيش الإسرائيلي سينسحب قريباً جداً من شمال قطاع غزة، وقد استنفذ مهماته فعلا ً كما يقول، أو فشل في استنفاذ مهماته كما الميدان، ولكن، ولأسباب أمنية، أعلن مصدر عسكري "إسرائيلي" عكس ذلك، مستدركاً الخطر الأمني من الإعلان عن استكمال المهمات، والاستعداد للانسحاب.
الاحتمال الثاني: أراد العدو "الإسرائيلي" أن يلفت نظر رجال المقاومة إلى أنه باقٍ في شمال قطاع غزة لعدة أسابيع، في عملية تمويه امنى على خطط الجيش، وهو يستعد لاقتحام مناطق أخرى في قطاع غزة، ويخطط للمفاجأة.
وفي تقديري أن المنطقة المرشحة للاقتحام هي محافظة خان يونس. ولاسيما بعد استهداف العدو منطقة المواصي بأكثر من غارة على خيام النازحين، في رسالة طمأنة لمن عادوا إلى بيوتهم المدمرة في خان يونس، وفي رسالة تشتيت لمن ظن أن منطقة المواصي قد صارت مستهدفة، وأن المدينة والمخيم قد صارت أكثر أمناً، بعد أن عجت بمئات آلاف النازحين إليها سواء كانوا من سكانها، أو من شمال قطاع غزة ومن رفح.
أنا قارئ للخبر، ولست خبيراً عسكرياً، ولا خبيراً استراتيجياً، فقط أنا أقرا الخبر، وأقرأ ما وراء الخبر "الإسرائيلي"، وأضع احتمالات، وأقدر موقف، وذلك يرجع إلى تجربتي الطويلة مع الإعلام "الإسرائيلي"، وبالتحديد طوال سنوات انتفاضة الأقصى، التي أعطتنا فكرة جيدة عن التصريحات "الإسرائيلية" المتشددة، وما ينجم عنها من مفاجآت مغايرة لما جاء في الإعلام.