فلسطين أون لاين

تقرير الشَّابَّة السَّرديّ.. في خيمة تعليميَّة تنير دروب الأمل وسط الحرب

...
الشَّابَّة السَّرديّ.. في خيمة تعليميَّة تنير دروب الأمل وسط الحرب
غزة/ هدى راغب:

بعد شهور من الحرب على قطاع غزَّة لاحظت أنَّ أحد الأطفال المتواجدين معها في المنزل قد نسي الأساسيَّات التَّعليميَّة في اللُّغة العربيَّة والرِّياضيَّات بسبب الظُّروف الصَّعبة الَّتي مرُّوا بها، ومن هنا قرَّرت بيسان إنشاء خيمة تعليميَّة وسط خيام النَّازحين في مخيَّم النُّصيرات بهدف مساعدتهم على استرجاع ما تعلَّموه سابقًا وإعادة تأسيسهم في ظلِّ الظُّروف الَّتي جعلت من التَّعليم تحدِّيًا حقيقيًّا.

الشَّابَّة بيسان السَّرديّ نازحةً من غزَّة إلى جنوبه، استثمرت دراستها الجامعيَّة لتخصِّص العلاقات العامَّة لأجل التَّشبيك مع المؤسَّسات، وزوجها الحاصل على شهادة تعليم أساسيّ.

واستطاعت أنَّ تحوُّل متابعيها على منصَّات السُّوشيال ميديا إلى أداة دعم حيويَّة، أنشأت من خلالها " خيمة تعليميَّة " للأطفال في قطاع غزَّة، في وقت إغلاق المدارس بسبب الحرب المستمرَّة.

تقول السَّرديّ: " قبل عام، لم تكن بيسان سوى شابَّة مثلها مثل غيرها من شباب غزَّة، تمتلك حسابات على وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ، وتشارك بعض اللَّحظات من حياتها اليوميَّة مع متابعيها، لكنَّ قرَّرت أن تلتقط الفرصة وتستغلُّ تأثيرها الاجتماعيَّ بشكل إيجابيّ ". فبينما كانت الحرب تعصف بالمنطقة، كانت المدارس مغلقةً أبوابها أمام الطُّلَّاب، ممَّا جعل مئات الأطفال بلا تعليم في مرحلة حسَّاسة من حياتهم.

وتوضِّح السَّرديّ أنَّها لم يكن لديها خيار سوى التَّحرُّك، فقرَّرت فتح خيمةً تعليميَّةً للأطفال، كانت بداية بمشاركة 50 طالبًا فقط، ولكن بفضل دعم أهل الخير على السُّوشيال ميديا، تمكَّنت من توسيع المشروع بشكل غير متوقَّع، اليوم، أصبحت الخيمة تستوعب أكثر من 200 طالب وطالبة من مرحلة التَّعليم الابتدائيِّ، ويشرف عليها 8 مدرِّسين متطوِّعين.

"كانت البداية صعبةً، لكنَّني شعرت بأنَّ هذا هو الواجب الَّذي يجب علي القيام به في هذه اللَّحظة" تقول السَّرديّ: " كلَّما رأيت الأطفال يعودون إلى المقاعد الدِّراسيَّة، شعرت أنَّني أنقذت جزءًا صغيرًا من مستقبلهم".

ولم تقتصر جهودها على إنشاء الخيمة التَّعليميَّة فقط، بل كان لديها وفريقها حرص كبير على أن تحمل هذه الخيمة رسالةً مميَّزةً، فرسموا على جدرانها رسومات ملوَّنةً، تهدف إلى جذب انتباه الأطفال وتحفيزهم على العودة إلى التَّعليم، ومن أبرز هذه الرُّسومات خريطة فلسطين، الَّتي أضافتها بيسان لتكون رمزًا للصُّمود والإبداع.

وتشير السَّرديّ إلى أنَّ العمل في الخيمة التَّعليميَّة لا يقتصر على تدريس الموادِّ الأكاديميَّة فقط، بل يتعدَّاها ليشمل جوانب نفسيَّةً وترفيهيَّةً، حيث تعمل وفريقها على متابعة أوضاع الأطفال النَّفسيَّة، وتأهيلهم للتَّعامل مع الضُّغوطات الَّتي يعانون منها بسبب الظُّروف القاسية.

فخلافًا للتَّعليم التَّقليديِّ، يحرصون على أن يتعلَّم الأطفال بطريقة ممتعة وآمنة، تتناسب مع حالتهم النَّفسيَّة والبيئيَّة.

أمَّا بالنِّسبة للوضع المادِّيِّ، فقد تمكَّنت السَّرديّ من جمع التَّبرُّعات عبر منصَّاتها الاجتماعيَّة، لتوفير الحاجات الأساسيَّة لبعض الأطفال كحذاء طبِّيّ لطفلة مصابة، ونظَّارة طبِّيَّة لأخرى، إلى جانب القرطاسيَّة والدَّعم المادِّيِّ لبعضهم.

|أنا فقط أردت أن أساعد"، تقول السَّرديّ ببساطة، "هذا المشروع لم يكن لي فقط، بل هو جهد جماعيّ من كلِّ من آمن بالفكرة ودعمها، وكلَّ طفل هنا هو دليل على أنَّ الأمل لا ينتهي".

وفي الوقت الَّذي لا تزال فيه غزَّة تعيش وجعًا مستمرًّا، تواصل عملها الدَّؤوب، من خلال استثمار وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ لتوجيه الدَّعم للطُّفولة الَّتي تحلم بمستقبل أفضل.