بكل حذر وانتباه، أعلنت حركة حماس أن ما جرى في الدوحة كانت مفاوضات جادة وإيجابية فيما يتعلق باتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، ولكن تلك المفاوضات الجادة مقترنة بعدم وضع شروط إسرائيلية جديدة.
حذر حركة حماس في التفاؤل باتفاقية وقف إطلاق النار يستند إلى تجربة مريرة وطويلة من المفاوضات مع العدو الإسرائيلي، إذ سبق وأن تم الاتفاق في شهر يوليو من هذا العام على مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمه الرئيس الأمريكي بايدن، والذي جاء بناءً على المقترحات الإسرائيلية، وبعد أن وافقت حركة حماس على المقترح، جاء الرفض الإسرائيلي، والاشتراطات الجديدة.
وبكل تأـكيد، هناك الكثير من المبادرات التي وافقت عليها حركة حماس، لحلحلة الجمود في المفاوضات، ليأتي الرفض الإسرائيلي من خلال وضع اشتراطات جديدة، ليتهم رئيس الوزراء نتانياهو حركة حماس برفض الشروط، وإعاقة التوصل لاتفاقية وقف إطلاق النار.
وفي هذا الشأن، فإن للتاريخ كلمة، تؤكد أن العدو الإسرائيلي يخذل الوسطاء في اللحظات الأخيرة، ويضع شروطاً قاسية في الدقيقة صفر، لكي يحقق بعض المكاسب اللئيمة، والتي تعكس العقلية الإسرائيلية التي لا يمكن الوثوق بها، ولا يمكن الاعتماد عليها.
فقد حصل يوم الاثنين بتاريخ 20/ 5/1085 أن عرقل العدو الإسرائيلي صفقة تبادل الأسرى التي أنجزها الصليب الأحمر الدولي، مع عدد من الوسطاء الغربيين بين تنظيم الجبهة الشعبية التابع لأحمد جبريل، وبين العدو الإسرائيلي.
فبعد أن خرج الأسرى من السجون، واتجهوا بالحافلات إلى المطار، وبعد أن صعدوا إلى الطائرات، اعترض الوفد الإسرائيلي المفاوض على تحرير 36 أسيراً فلسطينياً، ادعى أنهم خطرون، ولن يسمح بالإفراج عنهم، وتعطلت الصفقة عدة ساعات، تدخل خلالها الوسطاء، ليتم الاتفاق على الإفراج عن نصفهم، 18 أسيراً فلسطينياً، لتستبقي إسرائيل 18 أسيراً، أعادتهم من داخل الطائرة إلى السجون الإسرائيلية، ومنهم الأسير الفلسطيني كريم يونس، الذي ظل في الأسر منذ ذاك التاريخ حتى يوم تحرره سنة 2023.
هذه المأساة أوردها لقيادة حركة حماس التي تفاوض عدواً إسرائيلياً خطيراً جداً، وقد يتراجع عن الاتفاقية في كل لحظة، وقد يضع شروطاً جديدة في كل دقيقة، ما لم يصل إلى قناعة راسخة بأن المفاوض الذي يقابله أـكثر منه عناداً وإصراراً وحذراً، وله قدرة على المناورة والصمود، وعدم الرضوخ للمناورات الإسرائيلية المفاجئة.