فلسطين أون لاين

تقرير "الذهب الأصفر".. "مورد رزق" صيفي للعاطلين عن العمل

...
بيع الذرة على كورنيش غزة
غزة/ أميرة غطاس:

على كورنيش بحر مدينة غزة، تتربّع أكواز الذرة بلونها الذهبي على عدة "بسطات"، وتنتزع برائحتها حواس المارّة، وتجذب أنظارهم، حيث المسلوقة منها والمشوية وحديثًا "ذات الفخّارة".

ويصطف عشرات باعة أكواز (الذهب الأصفر) لكسب قوت يومهم مستغلين موسم فصل الصيف وتوافد مئات المواطنين إلى شاطئ البحر، الذي يعد المنفذ الوحيد لأهالي القطاع في ظل الحصار المفروض وقطع الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة.

فرصة عمل

أمام "بسطة" البائع أدهم مقداد (38 عامًا)، تقف أمٌّ وطفلها الذي أصرّ على أن تشتري له "كوز ذرة" بينما يتحلق آخرون حولهما مطالبين بالإسراع في تجهيز الذرة المشوية.

فـ"مقداد" يعمل بائع ذرة ليعيل أسرته المكونة من ستة أفراد، يخبر "صحيفة فلسطين" أنه يعمل على مدار العام في بيع الذرة والمشروبات الساخنة، مضيفًا: "نستغل موسم الصيف في بيع الذرة منذ سنوات طويلة، ونعتمد عليه في دخلنا اليومي وإعالة الأسرة، فالظروف في غزة صعبة ولا يوجد فرص عمل كثيرة". 

ويلفت البائع إلى أنه ينتقي أفضل أنواع الذرة من المتاجر، ويبرع في إعدادها وطهيها، ويحاول ابتكار طرق جديدة في طهيها لتميزه عن منافسيه المتواجدين على طول "الكورنيش".

ومن أبرز ابتكاراته، كوز الذرة المشوي المغطس بالجبن، حيث يقوم بشوي الذرة على الجمرات المشتعلة ويضع عليها شريحتان من الجبن والملح، والشطة حسب الطلب، مؤكدًا أنه الوحيد الذي يصنعها "ويأتي إليّ الزبائن من كل مكان ليتذوقوا طعمها الشهي".

وعلى بعد عشرات الأمتار يقف سليمان أبو سمعان (22عامًا) أمام موقده وهو صاحب "بسطة" تتلألأ بلونها الذهبي، وعلى حوافها يعلّق عدة أكواز من الذرة، والفخارات المصفوفة على شكل هرم، يملأ الوعاء المخصص بسلق الأكواز، بكسوته السوداء التي تشهد على مقدار ما تعرضّ له من نيران.

ويقول أبو سمعان لـ "فلسطين": إن أسعار الذرة زهيدة في متناول الجميع، ويحبها الأطفال والعائلات التي تأتي للاستجمام على الشاطئ، مبينًا أن سعر الكوز يتراوح بين (1-2) شيكل، حسب الحجم.

ويزيد: "يوما الخميس والجمعة أكثر الأيام التي أبيع فيها، فيكون إقبال الناس في هذين اليوميْن كبير، كما يبلغ البيع ذروته بعد غروب الشمس إلى قبيل الفجر".

الذرة في الوجبات

وكل عمل لا يخلو من عقبات –كما يوضح أبو سمعان- فرغم أن أسعار الذرة زهيدة إجمالًا إلا أن بعض المواطنين يصرون على "المفاصلة" وتخفيض السعر أكثر، يعبّر أبو سمعان عن استيائه بالقول: "نحاول إرضاء جميع الزبائن وفق القدرات المتاحة عندنا، ولكن لا نقبل الخسارة".

وينوّع البائع في إعداد الذرة، بين المشوية والمسلوقة وأخرى في "الفخارات" التي أصبحت مؤخرًا مرغوبة عند كثير من المصطافين على الشواطئ.

وتمثل الذرة "طبقًا صيفيًّا" للغزيين عامة، والمصطافين منهم خاصة، حيث تنتشر كالنار في الهشيم في فصل الصيف، فيكاد لا يخلو شارع من بائع للذرة.

بطريقة مدروسة، تجد الفتى نور دغمش (15 عامًا) يقشّر الذرة استعدادًا لسلقها، وهو الذي استغل إجازته الصيفية لمساعدة والده في إعالة أسرته المكونة من 14 شخصًا.

ويوضح الفتى أنه يحب الاعتماد على نفسه ومساعدة والده قدر المستطاع، بتقشير أكواز الذرة وتدوين طلبات الزبائن.

وفي ظل البطالة التي تجاوزت الـ45% _وفق معطيات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء_ يلجأ الكثير من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل لاستغلال فصل الصيف كمصدر رزق للعديد منهم بالعمل في بعض المهن الموسمية، في ظروف الحصار المفروض على قطاع غزة وقلة فرص العمل.

بدوره، قال الناطق باسم وزارة الزراعة أدهم البسيوني: "قطاع غزة يمتلك حوالي 1000 دونم تُزرع بالذرة، في مناطق الشمال والشرق والجنوب، حيث يُنتج كل دونم قرابة 3-4 أطنان".

وعدّ البسيوني حصاد الذرة موسمًا صيفيًّا بامتياز، لافتًا إلى أن الذرة تشهد استهلاكًا وإقبالًا ممتازًا لدى المواطنين الذين يتناولونها بطرق متعددة.

ونوّه أن الكثير من المواطنين يبيعون الذرة في أماكن السياحة وفي الطرقات وأمام البحر، مستغلين فترة الصيف وإقبال الناس عليها.

وتدخل الذرة في الكثير من الوجبات الغذائية، حيث تقول "الشيف" هالة الأخشم: "تعتمد الكثير من الأمهات على الذرة كمادة غذائية رئيسة بسبب احتوائها على سعرات حرارية كبيرة وتفضيل الأطفال لها".

وتشير أنه في موسم الذرة تزداد استخداماتها، وتدخل في وصفات الأكل الغربية منها والشرقية، وتتنوع طريقة تحضيرها بين السلطات كالذرة بالمايونيز، والوجبات الأساسية كالأرز بالخضار".

وتؤكد الأخشم على أهمية استغلال الموسم في تخزينها، بفرط حبات الذرة ووضعها في ثلاجات التخزين، والمحافظة عليها في درجات حرارة باردة، الأمر الذي يضمن لربة المنزل توافرها طوال العام.