فلسطين أون لاين

تجنبوا الصراخ والعصبية والضرب

تقرير نوبات الغضب لدى الأطفال.. تأثير الأهل في تطويرها وكيفية إدارتها سلوكيًّا

...
نوبات الغضب عند الأطفال
غزة/ مريم الشوبكي:

تُعدُّ نوبات الغضب من المشاكل الشائعة التي يواجهها الأهل مع أبنائهم، خاصة في فترة الطفولة المبكرة.

تلك السلوكيات ترهق الآباء ليس لأنهم لا يمتلكون القدرة على التعامل معها فقط، ولكن لأنهم لا يجيدون الطريقة المثلى التي تحدد استمرار هذا السلوك الانفعالي عند الطفل مستقبلًا، ويتخذها طريقة للحصول على ما يريد.

كثيرة هي المواقف المحرجة تعرضت لها سامية عليوة في أثناء اصطحابها لأطفالها في زيارات عائلية، أو الخروج للتسوق، والمتنزهات العامة، وأماكن الترفيه، ولا سيما مع طفلها أسامة ذي الثلاث سنوات والذي "لا يمل ولا يشعر بالتعب حتى لو واصل البكاء لساعة دون توقف".

تقول عليوة (44 عامًا) وهي ربة بيت لـ"فلسطين": "أسامة مجرد رفضي لطلبه يواصل البكاء دون توقف حتى أُنفّذ له ما يريد بسبب نظرات من حولي، وإحساسي بالحرج منهم، حتى بات يتمادى ويكرر السلوك ذاته دائمًا، إلى أن قررت العمل بنصيحة والدتي تجاهله، وبالفعل كانت نصيحتها بجمل".

الدمج الاجتماعي

أما رائدة الزعانين فلها تجربة مختلفة مع طفلها الوحيد محمد الذي أكرمها الله به بعد سنوات طويلة من تأخر الإنجاب، وقد جعلها هذا الأمر تخشى عليه من "نسمة الهواء"، كما تقول، فترفض نزوله للّعب مع أبناء عمه في العمارة ذاتها خشية تعرضه للأذى.

تقول الزعانين (38 عامًا) لـ"فلسطين": "دلالي الزائد له ورفضي احتكاكه بأقرانه جعله يخشى من أيّ لمة عائلية، فتراه في التجمعات الكبيرة يُصاب بنوبات خوف وغضب، وصراخ هستيري حتى أغادر المكان يهدأ ويعود لطبيعته".

وتتابع: "هنا أيقنت مدى خطئي وإصرار زوجي الشديد على جعله يواجه المجتمع والتعلم من الأطفال الخبرات التي لا يراها وهو محبوس في البيت، واحتجت لفترة من الزمن لإعادة دمجه، كما أدخلته الروضة صف مستمع حتى يتفاعل مع المحيط".

إرادة الغضب

الاختصاصي النفسي زهير ملاخة يُعرّف نوبة الغضب بأنها استثارة عصبية ينتج عنها غضب سريع، ويُصاب بها الطفل حين يشعر بالخطر، أو الخوف، والقلق.

ويُرجع ملاخة في حديثه لـ"فلسطين" سبب نوبات الغضب إلى مواقف سابقة عاشها الطفل وسبّبت له الخوف والقلق، فيغضب حين يحدث أمامه الموقف ذاته ويُعبّر عنه هذا الغضب بالصراخ.

ويعزو ذلك إلى تفاوت وضعف الصلابة النفسية لدى بعض الأطفال، إضافة إلى الدلال والتسلط والخوف الزائد من الوالدين فكلها عوامل تُعزّز نوبات الغضب الطفولية.

ويشير إلى أنّ خوف العائلة الزائد والإحاطة به حميميًّا مع قلة تعرضه للاحتكاك بالأقران تجعل الطفل عرضة أكثر لهستيريا البكاء، وتطويره إلى نوبات غضب حادة توصف بالعناد للحصول على ما يريد.

وعن المحفزات الجسدية لنوبات الغضب، يُوضّح الاختصاصي النفسي أنّ الجوع، والإرهاق، وعدم الراحة للأطفال في عمر أقل من ثلاث سنوات الذين لا يجيدون التعبير عن احتياجاتهم بسهولة، بسبب عدم اكتمال الإدراك لديهم، لذا يتخذون من الغضب والبكاء وسيلة للتعبير عنها.

ونوبات الغضب تحتاج إلى إدارة حكيمة من العائلة، وِفق ملاخة، "فقبل الخروج من البيت على الأم التأكد أنها منحت طفلها وقتًا كافيًا من النوم، وإطعامه وجبة مُشبّعة، ومع تفقُّد نظافته الشخصية، وحين يكون طفلها مريضًا عليها الخلود في البيت أفضل".

وتابع ملاخة: "أما عن دور الأب والأجداد، فعليهم توخّي الحذر عند تربية الطفل بعيدًا عن الإفراط والتفريط، والاعتدال في توجيهه حتى لا يُصاب بالعناد والعصبية في الأماكن العامة، وإعطائه نصائح دون تهديد قبل الخروج".

ويحثُّ الأهل على احتضان وعناق طفلهم عند إصابته بنوبة الغضب لإشعاره بالأمان، وفي حال تكرّر منه ذات الموقف عليهم التحدث معه بكل هدوء وتجنُّب الصراخ والعصبية والضرب، "وفي حال لم يستجب عليهم تجاهل سلوكه، مع وضعه تحت الملاحظة وبمضي الوقت سيتخلى عن فعله"، مشددًا على ضرورة تعويد الطفل على حياة فيها نظام.