فلسطين أون لاين

تقرير فنانون شباب في غزة يعيدون "مسرح الظل" إلى الواجهة

...
مسرح الظل
غزة/ مريم الشوبكي:

داخل غرفة في إحدى رياض الأطفال بمدينة غزة، أُطفئت الإنارة، ونُصبت شاشة عرض مُحاطة بستارة سوداء. وما إن أُسدل الستار حتى أنارت الشاشة طفلة تعيش في بلدة بيت صفافا قضاء القدس المحتلة، حيث المساحات الخضراء، والخراف ترعى فيها.

لحظات وبدأت الشخصية الكرتونية الطفلة "سارة" التي تجسدها الكاتبة أميرة حمدان، تتحدث، وتتحرك، ودار بينها وبين أبيها الفلاح زكي الذي يرتدي القمباز التقليدي، والكوفية حوار عن البيئة الفلسطينية.

هذه اللوحة الفنية يقدمها ثلاثة فنانين من قطاع غزة هم: الكاتبة أميرة حمدان، والفنان د. يسري المغاري، والفنانة التشكيلية شيماء حسنين، ضمن مبادرة مسرح الظل للعام الثاني على التوالي، واستهدفت 45 روضة، موزعة على تسع مناطق مختلفة في محافظات قطاع غزة، بالتعاون، والشراكة مع وزارة الثقافة الفلسطينية.

و"مسرح الظل"، فن قديم بدأ بالصين وعُرف بفن "الأراجوز"، ويعتمد على شاشة مضيئة تعتمد على اللونين الأسود، والأبيض، وتحريك ظلال يقوم بها شخص يسمى "المِخيال" ويكون لديه إلمام واسع بالقضايا المجتمعية، وفق حمدان، كاتبة النصوص المسرحية التي يقدمها المسرح.

وتُبيّن لـ"فلسطين" أنّ المسرح عُرف كأداة نقد سياسي، واجتماعي، تُحاكي القضايا التي يعيشها الناس داخل مجتمعاتهم، "وفي حالتنا فإنّ مسرح الظلّ يساعد الطفل في التعرف على البيئة الفلسطينية، ومعالمها التي لا يستطيع الوصول إليها، بسبب الحواجز الإسرائيلية، ويعتمد أيضًا على إيجاد شخصية خيالية لإدهاش الأطفال، وتنمية خيالهم، وإدخال البهجة، والفرح على قلوبهم".

وسيلة تربية ترفيهية

وتلفت حمدان إلى أنّ مسرح الظلّ وسيلة تربوية وتعليمية وترفيهية في الوقت ذاته، فهو يُنمّي خيال الطفل وعقله ومهاراته الاجتماعية واللغوية.

وتشدّد على أنّ الأهم من ذلك أنه يُنمّي القيم الأخلاقية عند الطفل، نظرًا لأنّ الطفل يرتبط ارتباطًا قويًّا بالدراما والتمثيل، ويظهر ذلك من خلال انجذابه للكارتون؛ "لذا فإنّ مسرح الظل يجعله يسرح بخياله، ويؤلّف ويُخرج مشهدًا داخل رأسه، ويخرج بالقيمة وراء تلك المسرحية".

وتشير إلى أنّ فريق مسرح الظل عمل على تطوير هذا الفن من خلال استخدام ألوان في شاشة العرض، ونصوص تُحاكي قضايا مُعاشة في البيئة الفلسطينية.

وحمدان لها تجربة طويلة في الكتابة، ولكن تعيش التجربة الأولى في تمثيل الشخصيات التي كتبتها، فكيف استطاعت تطوير نفسها، تجيب: "تواصلنا مع فريق مختص بمسرح الطفل في سوريا، وخضعنا لدورة تدريبية مكثفة عن كافة التفاصيل المتعلقة بإنتاج مسرح الطفل".

وتتابع: "استفدنا من الدورة واكتسبنا خبرة، ولكن طوّرنا على هذا الفن، بإدخال الألوان، والخامات المستخدمة في تصنيع الدمى، ونسعى بذلك إلى إحياء هذا الفن، وإعادته للواجهة من جديد".

وتلفت حمدان إلى أنّ الممثل لا يظهر مباشرة، وتقع على عاتقه مسئولية مضاعفة، ومهارة أعلى حيث يتطلب مطابقة الحركة، مع الكلام، والظل، والنور، ليتمكن من المحافظة على إيقاع النص.

وعن البدائل التي أوجدها فنانو مسرح الظل، في تصنيع الدمى، وشاشة العرض، تذكر حمدان أنها تُصنع من جلود طبيعية، ويتم دباغتها بطريقة معينة، ولكنّ هذا الأمر غير متاح في قطاع غزة، لذا تم استخدام مواد أخرى بلاستيكية، و"فيبر جلاس"، والجلد المستخدم في الطباعة.

وتؤكد حمدان أنّ مسرح الطفل أداة مهمة في تشكيل شخصيات، ووعي الأطفال في فلسطين.

ويطمح الفريق الذي يُنفّذ مبادرة "بيتكم عامر" التي تعنى بالأماكن التراثية، والتاريخية في قطاع غزة، أن يكون له زاوية ثابتة داخل تلك الأماكن، ليتم مناقشة موضوعات في مختلف المجالات فيها، ولكافة الفئات العمرية، ليلقى مسرح الظل رواجًا أكثر في القطاع.

مسرح الظل (4).jpeg
 

مسرح الظل (3).jpeg