فلسطين أون لاين

​قضى ابنها في أحداث الانقسام

عائلة أبو جزر: تنازلنا عن الثأر حقنًا للدماء

...
خان يونس - أدهم الشريف

كان أكبر الإخوة الأربعة حين قضى والدهم أسعد أبو جزر في أحداث الانقسام قبل 10 سنوات يبلغ من العمر (6 أعوام)، لكنهم كبروا جميعهم وكانوا شهودًا على مصالحة حققتها أخيرًا لجنة المصالحة المجتمعية.

"كنت أكثر المشجعين لهذه الخطوة" تقول أمينة أبو جزر، زوجة أسعد الذي قضى عن عمر (27 عامًا).

وتضيف لـ"فلسطين": "عائلة القاتل كانت معروفة لدينا، لكن الشخص نفسه لم يكن معروفًا (...) أخشى على أبنائي ومستقبلهم، فالثأر لن يجلب لنا إلا المزيد من الدماء".

ونشطت اللجنة المجتمعية المنبثقة عن حوارات القاهرة بمختلف محافظات قطاع غزة، ضمن عملها المقرر لتضميد جراح ضحايا الانقسام وإقناعهم بالمصالحة.

وكان أبو جزر الذي ينتمي إلى كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس قضى في 13 حزيران (يونيو) عام 2007م، برصاص قناص في منطقة معن (شرقي محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة)، حيث كان يسكن هو وعائلته.

كان وقع الصدمة على العائلة كبيرًا، وخاصة على زوجته وأبنائه الذين هم بحاجة ماسة إليه.

ولأسعد أربعة أبناء، أكبرهم عبد الكريم (16 عامًا)، ومحمد (15 عامًا)، وأنس (12 عامًا)، وأصغرهم الذي سمي أسعد تيمنًا بوالده (9 أعوام).

وتقول والدتهم: "استدعيت لجان الإصلاح، وتحققت المصالحة، وعقدنا مهرجانًا ابتهاجًا بها، حضره أبنائي الأربعة والعائلة".

وبعد أكثر من عام على قضاء أسعد استشهد شقيقه أمجد الذي كان يعمل في جهاز الأمن والحماية، في أول أيام العدوان على غزة نهاية 2008م، ومطلع 2009م، حسبما أفاد شقيقهما تيسير.

ويقول: "جاءت لجنة المصالحة المجتمعية إلى بيتنا، واستقبلناها بصدر رحب، وأبدينا مرونة عالية في التعامل معها، وانتهت المشاورات بإتمام المصالحة".

ويضيف لـ"فلسطين: "نحن عائلة لا ترغب بمشاكل مع أي طرف كان، وما يهمنا أن تكون أرملة الشهيد وأبناؤه بخير".

ويرى تيسير في عمل اللجنة المجتمعية فرصة كبيرة للإصلاح، وتطبيب أوجاع ذوي ضحايا الانقسام الذين يقدر عددهم بالمئات ما بين شهداء وجرحى، مضيفًا: "أتمنى أن تتم المصالحة عند الجميع؛ فالشعب في غزة متضرر كثيرًا، ومن حقه أن يعيش".

ويتابع: "قبلنا بإتمام المصالحة لفتح صفحة بيضاء وبدء مرحلة جديدة يرتاح فيها المواطنون".

وأوصى ذوي ضحايا الانقسام بالاستجابة لعمل اللجنة في معالجة الأضرار الناجمة عن الانقسام.

وكانت اللجنة استأنفت عملها في تموز (يوليو) الماضي في غزة بمشاركة فصائل، وعقدت سلسلة اجتماعات قبل أن تبدأ في التواصل مع أهالي الضحايا.

وبحسب ما ذكر المسؤول المؤقت للجنة المصالحة خضر حبيب إن صندوق التكافل سيغطي النفقات الخاصة بعمل اللجنة، وذلك بدعم من دول عربية.

وقدمت اللجنة لعائلة أبو جزر (شيك) بقيمة 50 ألف دولار، بإمكان والدي الضحية وزوجته وأبنائه الاستفادة منه، حسبما أفاد تيسير، وذلك لجبر الضرر الذي وقع على العائلة منذ سنوات.

يذكر أن اللجنة المجتمعية جندت وجهاء العائلات والمخاتير للعمل معها، وشكلت لجانًا مختصة في المحافظات للتواصل مع عائلات ضحايا الانقسام.

وعائلة أبو جزر لم تكن الوحيدة التي استجابت لعمل لجنة المصالحة، التي أعلنت أن أشخاصًا يمثلون عائلات من غزة تواصلوا معها طلبًا لإنهاء ملفاتها، بحسب ما أكد القيادي في حركة فتح عبد الحميد المصري المقرب من النائب محمد دحلان.