شغف الطفلة ميرا الظاهر من طولكرم بالقراءة منذ نعومة أظفارها خاصة قصص الأطفال يشغل حيزًا كبيرًا من وقت فراغها، فلم تروِ مكتبة بيتها العامرة بمختلف أنواع الكتب عطشها، بل إنها أصبحت أيضًا أحد الرواد الأساسيين لمكتبة مدرستها التي أهدتها أخيرًا نسخة من أول إنتاجاتها الأدبية "المتشائل".
تأثر ميرا بالجو الأدبي في منزلها الذي ولَّد لديها شغفًا كبيرًا بالقراءة والمطالعة، حتى أصبح لديها حصيلة لغوية منذ صغرها جعلتها متميزة في نواحي التعبير والإنشاء بشكل مميز لفت إليها أنظار معلماتها اللاتي أولينها اهتمامًا خاصًّا حفزها للمزيد من الإبداع وصولًا لإصدار قصتها الأولى وهي لم تزل في الثانية عشرة من عمرها.
تعزو ميرا (12 عامًا) الفضل في حب القراءة لوالدتها الأديبة التي تخصها بعددٍ من الكتب من المعارض الدولية التي تشارك فيها في البلدان العربية المختلفة.
وتهوى الفتاة كتب الخيال العلمي وتطالع أيضًا قصصًا عن النكبة واللجوء الفلسطيني التي تحرص والدتها على أنْ تجلبها لها.
تقول عن قصتها المعنونة بـ"المتشائل": "شاركت في إحدى المسابقات القصصية ولم أفز بها، ولإيماني بالقصة حولت الفشل إلى نجاح حيث قدم الكثيرون لي نصائح بطباعتها بعدما أعجبوا بها".
وتضيف ميرا: "طبعتها بمساعدة والدتي، وسميتها المتشائل لأنها تجمع في تفاصيلها بين التشاؤم والتفاؤل".
وتوضح أن العنوان منحوت من كلمتي المتشائم والمتفائل، وسبب تسمية القصّة بهذا العنوان هو أن البطل سعيد كان متشائمًا في بداية القصّة، ثم أصبح سعيدًا في نهايتها، لأنه نجا من الموت وحقّق حلمًا، "وتأثرًا برواية للكاتب الراحل إميل حبيبي بعنوان سعيد بن أبي النحس المتشائل".
وتوضح ميرا أن فكرة القصة تدور حول طفل اسمه "سعيد" يتوه في إحدى الغابات، ثم يرى قطارًا مصنوعًا من القش وطابورًا من الناس يريدون الصّعود إليه، فطلب منهم سائق الباص سحب مناديل قبل الصّعود، وقد كان موجودًا على كل مقعد منديل بلون معيّن.
وتبين أنّ أحد الراكبين سحب منديلًا فوجد حظه "العبودية" وسحب آخر منديلًا فوجد حظه "العودة"، أما سعيد فسحب منديله فكان حظه "الأسر"، حاول الهرب فعلق بشباك عنكبوت، وخلال وجوده في مملكة العناكب سمع مسؤولهم يقول: "وجبة غذائي دسمة".
ففكر سعيد في خطّة من أجل التّحرر، بعدما سمع خطوات عناكب بالقرب منه، وسألهم عن سبب وجودهم فقالوا: "الخوف والحاجة"، فأقنع الجميع بالتمرّد والاتحاد وتحدي مسؤول العناكب حتى الخلاص من الذلّ والعبوديّة، وفعلًا أقاموا ثورة وخاف المسؤول منهم، وقبِل بتحريرهم مقابل عدم إيذائه.
وتتابع الظاهر: "مع أنه وجد أن حظه سيئ فإنه بإصراره حوَّله لشيء جيد وهو الحرية، وعاد لبيته بسلام".
قضية شعبنا
وتبدي تأثرها بقضية شعبها الفلسطيني في تفاصيل قصتها وما يعانيه من أذى بسبب الاحتلال الإسرائيلي، مبدية عزمها بأنْ تؤلف قصصًا عن نضال شعبنا والنكبة الفلسطينية عام 48م وسعيه للحرية.
وتبين أنّ القراءة والكتابة لا يشغلانها عن متابعة دراستها، إذ تنظم وقتها بين تلك الأمور جميعًا، "كما أنني أمارس عدة أنواع من الرياضة وعلى رأسها كرة القدم التي أطمح إلى أن أكون لاعبة مشهورة عالميًا فيها".
وتشعر ميرا بالفخر لكونها تمكنت من طباعة أول قصة لها في سن صغيرة، وللثناء والإطراء الذي تلقته على القصة من معلماتها في المدرسة.
في حين تتحدث والدتها الأديبة د. رولا غانم عن ملامستها لموهبة ابنتها الأدبية منذ سن صغيرة، ما جعلها تحيط بها بالعناية، "تأثرت ميرا بالأجواء الموجودة في المنزل، لكوني أديبة وأصدرتُ أربع روايات، ولديّ مكتبة ضخمة جدًا".
وتضيف: "يبدو أنها ورثت الموهبة عني، اهتممتُ بها منذ صغرها، لإدراكي لأهمية تنمية الموهبة فقد كنتُ أتمنى أنْ يهتم والدايّ بموهبتي وأنا صغيرة، لكن الهموم المعيشية كانت تشغل بال الناس عن الاهتمام بمواهب أبنائهم".
وتشير إلى أن لدى ميرا خيالًا خصبًا خاصة في مجال الخيال العلمي، مبديةً أملها في أنْ تستطيع المراكمة على الإنجاز والوصول إلى الساحة الدولية.
وتبين غانم أن قصة ميرا من طباعة مكتبة ابن خلدون في طولكرم ونشرت لأول مرة في الرابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، "عرضتها على مجموعة من النقاد الذين أثنوا عليها قبل طباعتها، وهنالك قصص ما زالت مخطوطة لها سترى النور قريبًا إن شاء الله".