فلسطين أون لاين

ترسيم الحدود البحرية بين وجهتي نظر

هل يعدّ توقيع لبنان اتفاقيةَ ترسيم الحدود البحرية مع (إسرائيل) من خلال الوساطة الأمريكية يوم الخميس ٢٧-١٠-٢٠٢٢م اعترافا سياسيا من لبنان بـ(إسرائيل)، أم أن الاتفاق هو اتفاق فني، تفرضه ضرورات الجغرافيا ولا علاقة له بالاعتراف والتطبيع؟!

يزعم غانتس في تصريح موجه للناخب الإسرائيلي أن توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية هو اعتراف لبناني بدولة (إسرائيل). أي إن غانتس يعطي الاتفاق بعدا سياسيا. فهل هو محقّ فيما يقوله؟

ليست هناك إجابة واحدة عن السؤال، لاختلاف زاوية النظر، إذ يمكن لبعض المحللين أن يحمّلوا

 الاتفاق هذا البعد السياسي الذي يذكره غانتس، لأن توقيع الاتفاق كان بين كيانين سياسيين مختلفين، وكل كيان وقّع الاتفاق باسم دولته، مع تبادل لنسخ الاتفاق، يعني اعترافا ما بشكل أو بآخر. لاعتراف يقول إن ما هو أسفل الخط البحري حدود (إسرائيل)، وما في أعلاه هو لبنان. ومن يقول بهذا القول يستنتج قرب ذهاب لبنان نحو التطبيع، ويذهب أيضا لنقد حزب الله، وتهوين موقفه العدائي من (تل أبيب)، وأنه كان جزءا من الاعتراف غير المباشر.

ويقف آخرون عند حدود التفسير اللبناني، وأن ما حدث هو اتفاق فني، وعمل موضوعي، تفرضه الجغرافيا السياسية، ولبنان ليس مسؤولا عن وجود دولة (إسرائيل) على أرض فلسطين المحتلة، وهذا الواقع لا يمكن تحديه من خلال مسألة الغاز. فلبنان يرى أن فلسطين محتلة، وأن (إسرائيل) دولة احتلال، وإزالة الاحتلال مسألة لا تتحقق بالتمرد على اتفاقية الغاز، ومستلزمات تحديد الحدود البحرية. ومن ثمة لا يوجد اعتراف بـ (إسرائيل)، ولا يوجد تطبيع، وإنما تعامل مع واقع، وما يضبط العلاقة بين لبنان ودولة الاحتلال هو اتفاق الهدنة ١٩٤٩م فقط.

خلاصة القول: إن لكل طرف زاوية نظر، واجتهاد له أدلة تؤيده، ولا ينبغي أن يكون موضع خلاف فلسطيني لبناني، وفي نظري أن مصلحة الفلسطيني تكمن في تقبل زاوية النظر اللبنانية، لأن حجج لبنان الموضوعية ترجح على وجهة النظر الأخرى، وإن مصالح الفلسطيني في بقاء علاقة قوية مع لبنان. ويجدر بنا أن نتذكر أننا في فلسطين المحتلة لا نستطيع استخراج غاز غزة دون موافقة إسرائيلية، وهو أمر يفرضه علينا الاحتلال ذاته، وأن مصر التي تحاول علاج المسألة تجري مفاوضات حول استخراج الغاز مع (إسرائيل) من ناحية، ومع السلطة الفلسطينية من ناحية أخرى، وهذا هو الممكن قبل التحرير.