وسط ركام المنازل، وفوقها طائرات مسيرة لا تتوقف عن التحليق في السماء لرصد كل ما يتحرك على الأرض، نجح مقاتلو كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، من زرعة عبوات ناسفة، وإعداد كمين محكم للواء نخبة إسرائيلي متوغلًا في شمال قطاع غزة للشهر الثالث على التوالي.
ولواء "كفير" النخبوي لدى جيش الاحتلال والذي ينتشر بشكل كبير في شمال القطاع لإدارة الهجوم المتواصل منذ نحو 3 أشهر.
ودخل ضباط وجنود لواء "كفير" إلى المصيدة الذي أعدها مقاتلو القسام، بعد إرسالهم أحد المرتزقة، وطائرة "كواد كابتر" إلى منطقة الكمين لتمشيطها تمهيدًا إلى دخولها.
ورغم ذلك، لم يتمكن الجندي ولا الطائرة من رصد العبوتين اللتين تم زرعهما مسبقا داخل المنزل وخارجه، وبعد دخول القوة إلى المنزل تم تفجير العبوة في 3 أفراد بشكل مباشر، وعندما فرّت القوة المكونة من 10 أفراد خارج المنزل بعد انفجار العبوة الأولى، تم تفجير العبوة الثانية في 7 منهم، ليعلن الاحتلال عن مقتل ضابط وجنديين.
عكس الكمين الذي كشف القسام عن تفاصيله بمشاهدة مصورة وأطلق عليه "صيد الثعابين"، المهارة والاحترافية العالية لدى مقاتلي الجناح العسكري لحماس، وقدرتهم على التخفي من الطائرات، وخداع أفضل أولوية جيش الاحتلال العسكرية.
يؤكد الخبير العسكري يوسف الشرقاوي، أن الكمين ومشاهد الفيديو التي عرضها كتائب القسام، يثبت أن المقاومة هناك لاتزال لديها القدرة على إيقاع الخسائر الفادحة في صفوف جيش الاحتلال رغم العملية العسكرية المتواصلة للشهر الثالث، وحجم الدمار الهائل الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية.
ويقول الشرقاوي لصحيفة "فلسطين": "كمين صيد الثعابين هو عمل مخطط لها بشكل دقيق، ومن نفذه يمتلك مهارة وتدريب عالِ، وهم أشخاص محترفون، سواء من خلال قدرتهم على إخفاء العبوات، وعدم قدرة الجيش أو طائراته المسيرة وإمكانياته التكنولوجية الهائلة من اكتشافه".
ويوضح أن القسام أوقع أحد أهم الألوية العسكرية لجيش الاحتلال في الكمين، وجعلهم أشلاء من خلال التفجير القوي، وهو ما يعكس أن هناك قدرة على التصنيع والاعتماد على النفس في وسط المعارك التي تشهدها شمال قطاع غزة.
ويشير إلى أن كمين "صيد الثعابين" أصبت القدرة الاستخباراتية العالية لدى القسام في شمال قطاع غزة وعدم تأثرها بهجوم جيش الاحتلال بالقوة الغاشمة نحو شمال قطاع غزة، إضافة إلى سهولة التحرك لدى مقاتليه، والقدرة أيضا على توثيق مشاهد كاملة للكمين وصولًا للحظة التفجير والقضاء على الجنود
من جانبه، يؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، أن كمين "صيد الثعابين"، أثبت استمرار امتلاك المقاومة للمهارة في استدراج ضباط وجيش الاحتلال لمصائد الموت، وإيقاع خسائر في صفوفهم.
يقول أبو عواد لـ"فلسطين": "المقاومة تواصل استنزاف ألوية جيش الاحتلال داخل قطاع غزة، من خلال نصب الكمائن القاتلة للضباط والجنود، وتوثيق ذلك وإخراج الصورة للعالم والمجتمع الإسرائيلي".
ويوضح أن الكمين الأخير للمقاومة في شمال قطاع غزة يعد ضربة قوية لجيش الاحتلال الذي يمارس القتل والدمار الواسع في هذه المناطق، ولكن الكمين الأخير أظهر عدم قدرته على إنهاء المقاومة.