في الوقت الذي يعطل به رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عمل المجلس التشريعي المنتخب رسميا من الشعب الفلسطيني عام 2006، يحاول إعطاء المجلس الوطني، الخاضع لهيمنة حركة "فتح"، صفة شرعية رغم تعطيل عمل المجلس منذ ما يزيد عن العقدين بات فيها فاقداً للصلاحية.
واعتبرت عدة فصائل إسلامية ووطنية دعوة "فتح" لانعقاد المجلس الوطني تجاوزا لنتائج جلسات الحوار الوطني، ومحاولة من عباس لتوظيف ورقة المجلس لكسب شرعية يتم التستر بها لتمرير مشاريع خاصة به.
ويدور التساؤل هنا حول دستورية مخرجات وقرارات جلسة المجلس الوطني حال انعقاده في مدينة رام الله المحتلة خلال الفترة المقبلة، بدون مشاركة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"؟، وما هو حجم تمثيل أعضاء المجلس الوطني لدى الشارع الفلسطيني الداخل والخارج؟.
فارغة المضمون
رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي، محمد فرج الغول أكد على عدم دستورية أي قرارات أو مخرجات تنتج عن عقد دورة جديدة للمجلس الوطني بدعوة من حركة فتح وعباس، وذلك وفق قاعدة "ما بني على باطل فهو باطل".
وقال الغول لصحيفة "فلسطين": "المجلس الوطني بحد ذاته فاقد للشرعية وجميع إداراته بحاجة إلى التجديد، نظرا لمرور سنوات طويلة على عقد آخر انتخابات لأعضاء المجلس واقتصار التمثيل الداخلي على فصائل منظمة التحرير"، مشيرا إلى أن الغاية الأساسية لانعقاد المجلس هي تمرير أجندة خاصة تخدم عباس وسياساته.
وعدّ جميع القرارات التي من الممكن أن تخرج بها جلسة الوطني "فارغة المضمون، لأسباب متعددة أبرزها أن الدعوة لانعقاد المجلس تخالف قانون منظمة التحرير، وكذلك تخالف الدعوة لانعقاد المجلس ما جرى التوافق عليه وطنيا في جلسات المصالحة الداخلية سواء بالقاهرة أو بيروت أو غزة".
وتنص التفاهمات الفصائلية وفقا لإعلان القاهرة 2005، و2011، و 2014 على ضرورة عقد المجلس خارج مدينة رام الله بمشاركة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وتشكيل إطار قيادي مؤقت لمنظمة التحرير إلى حين إجراء انتخابات المجلس الجديد.
وأوضح رئيس اللجنة القانونية أن انعقاد الجلسة في الضفة الغربية المحتلة سيحول دون حضور الكثير من أعضاء المجلس وسيجعل جميع قراراته مرهونة بالاحتلال الإسرائيلي أولا وأخيرا بعيدا عن مقتضيات المصلحة العامة، مستهجنا عدم دعوة أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين من قبل الشعب إلى جلسات الوطني.
ووفقاً لقرار المجلس في دورته الحادية والعشرين (دورة إعمار الوطن والاستقلال) التي عُقدت في مدينة غزة خلال 22-25 أبريل/نيسان 1996، فإن نواب المجلس التشريعي أعضاء في "الوطني" فور أدائهم القسم القانوني، ليشكلوا بذلك جزءا من حصة فلسطينيي الداخل.
تمرير الصفقة
من جهته، عد عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، ربحي حلوم دعوة عباس لانعقاد المجلس الوطني في الفترة القادمة "محاولة للخروج من مأزق عدم شرعيته وسعيا وراء إعطاء الشرعية لقيادة السلطة في رام الله عموما".
وشدد حلوم في حديث لصحيفة "فلسطين"، على أن أي جلسة للمجلس الوطني تعقد وفق هيكلته القائمة حاليا "لا تمثل الشعب الفلسطيني على الإطلاق"، منبهاً إلى أن عباس أضاف بدل أعضاء المجلس الوطني المتوفين "حراسا من حمايته الخاصة زيادة في العدد".
وتساءل متعجبا "من الذي يملك حق الحديث باسم الشعب الفلسطيني، وبأي صفة يشطب هذا ويضاف ذاك؟ وبأي صفة يقرر المجلس الوطني مصير أبناء الشعب؟!!".
وبين أن من أبرز مهام الجلسة القادمة "تمرير صفقة القرن الذي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارته الأخيرة للمنطقة".
وأضاف حلوم "سيكون للمجلس حال انعقاده سواء في الداخل أو الخارج مهمة رئيسة تتمثل بتكريس موقف محمود عباس من صفقة القرن، والذي أعطى وعدا بأنه سيقوم بالدور الموكل له، من حيث لجم المقاومة والتصدي لكل من يقف في وجه الحلول المطروحة على الساحة لتصفية القضية الفلسطينية".
وأوضح "جميع الجلسات التي عقدت بعد توقيع اتفاقية أوسلو مع الاحتلال عام 1993 باطلة ولا شرعية، نظرا لأن أعضاء المجلس الوطني غير منتخبين مباشرة من الشعب الفلسطيني كحال أعضاء المجلس التشريعي الحالي، بل منحوا العضوية بالتعيين وفق المزاج من قيادة أوسلو وسلطة محمود عباس".
ولفت حلوم إلى أن مؤتمر فلسطينيي الخارج يسعى لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بدءا من إعادة بناء المجلس الوطني على قاعدة الميثاق القومي المقر عام 1964 والمعدل في 1969 وعلى قاعدة التمثيل الكامل للشعب الفلسطيني أينما وجد وصولا إلى إعادة العربة النضالية لسكتها الصحيحة.
ومنذ عام 1968 تهيمن حركة فتح على المجلس الوطني الفلسطيني، ولم يعد يعكس تمثيلا حقيقيا لقوى وتيارات وفصائل الشعب الفلسطيني، بوصفه السلطة التشريعية العليا للفلسطينيين في كافة أماكن وجودهم، فقوى المقاومة الفلسطينية الإسلامية وتحديدا حماس والجهاد الإسلامي التي تمثل شرائح واسعة من الشعب الفلسطيني، غائبة تماما عن المجلس وغير ممثلة فيه. وهي بالتالي غير متواجدة لا في المجلس المركزي ولا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.