فلسطين أون لاين

​في غزة.. تحويلات المرضى تخرجها السلطة بعد الموت

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

بينما كان ذوو المتوفاة "بسمة أبو سيدو" يستعدون لمواراة جثمانها الثرى بعدما فتك "السرطان" بها على وقع مماطلة السلطة في رام الله وانتظار صدور تصريح العلاج في الخارج، جاءهم اتصال من وزارة الشؤون المدنية يخبرهم بصدور الموافقة على التحويلة للعلاج في الخارج بعد سلسلة من المحاولات المرفوضة.

وفي تفاصيل حكاية الوجع تتحدث البنت الكبرى "أسيل" قائلة: "أصيبت أمي بالمرض عام 2015 وكان موقعه في الثدي الأيمن بداية، وعلى وقع ذلك لجأت إلى المراكز الصحية لإجراء التحليلات الطبية التي أكدت أصابتها ودفعتها إلى إجراء عملية استئصال كامل لمكان الإصابة".

جسد الأم المصابة لم يقوَ على الخضوع لجلسات العلاج الكيماوي الثماني وفق ما قرر الأطباء، فبعد الجلسة السادسة أوقفت العلاج واستكملت حياتها ولكن سرعان ما تدهورت حياتها مجددا عقب انتشار "السرطان" في أجزاء جديدة من الجسم كجدار المعدة والدماغ.

وبكلمات ممزوجة بالقهر تستكمل أسيل حديثها: "حاولنا على مدار خمس مرات متتالية الحصول على التحويلة اللازمة للعلاج في مستشفيات الضفة الغربية دون جدوى، في ذلك الوقت كانت حالة أمي تزداد تدهورا على وقع التسويف ورفض إصدار التصريح المطلوب إلى أن خرجت روحها".

والدة "أسيل" ليست الحالة الوحيدة التي تتلقى توقيع القبول على تحويلتها الطبية بعد وفاتها، بل الشواهد كثيرة.

حكاية وجع عائلة "أبو سيدو" لم تختلف كثيرا عن سابقتها، ففي تمام التاسعة والنصف من مساء الأربعاء الماضي، فوجئت الشابة بثينة اشتيوي باتصال هاتفي من الهيئة العامة للشئون المدنية في الضفة الغربية، تبلغها بضرورة تواجد والدتها مريضة السرطان "سميرة سعيد اشتيوي" الساعة السابعة والنصف عند معبر بيت حانون (إيريز)، لإتمام إجراءات دخولها إلى أراضي الداخل المحتل لاستكمال علاجها.

مرت بضع لحظات، حاولت بثينة أن تبتلع خلالها قوة الصدمة، بعد أن ودعت أمها الحياة في السادس عشر من شهر حزيران/يونيو الماضي بعد أن قضى المرض على ما تبقى من قوتها وهي تنتظر الموافقة على تحويلتها الطبية.

لم تعرف حينها كيف خرجت الكلمات على لسانها مختلطة بدموع الحرقة، حين أخبرتهم بأن أمها فارقت الحياة، ولكن الكثيرين هنا على سرير المرض يتنفسون الأمل حتى يحصلوا على حقهم في علاجٍ كامل وحياة كريمة.

مقابل ذلك حاول المتصل تبرير تأخر التحويلة في وجه هذا الكم من الحزن فتذرع بروتينية الإجراءات وضغط العمل وكثرة طلبات العلاج في الخارج والمشاكل التقنية.

تقول بثينة :" كان من المفترض أن تغادر أمي رحمها الله غزة في الحادي عشر من الشهر الماضي، ولكن كالعادة رفضٌ من سلطة رام الله والاحتلال الإسرائيلي"، وتابعت "قلنا للمتصل إن أمي توفاها الله قبل شهر ونصف من الآن ويا ريت لو فتشتم عن مرضى آخرين داخل مشفى الرنتيسي".

وتضيف بحرقة لصحيفة "فلسطين": "أصيبت الوالدة بالسرطان في النصف الثاني من عام 2013 في العظام قبل أن ينتقل لاحقا إلى أماكن أخرى في الجسد، ومنذ ذلك التاريخ نجحت الوالدة في السفر والحصول على تحويلات طبية لست مرات".

ولكن منذ مطلع العام الجاري فشلت محاولات الحصول على التحويلة، الأمر الذي دفع العائلة إلى الاتصال مباشرة بمستشفى "المطلع" في القدس المحتلة للاستفسار عن سبب التأخير فكان جوابهم أن "اسم الحالة متوفر في سجل الانتظار والتأخير الحاصل ناتج عن رفض السلطة تحمل تكاليف العلاج".

أما الشابة المتوفية "أزهار هنية" فلطالما تجرعت مرارة الموت مرات ومرات قبل أن تفارق الحياة مطلع الشهر الماضي، على وقع مرور إجراءات التحويل للسفر إلى الخارج بسلسلة من الإجراءات التي زادت من معاناة العائلة على مدار ست سنوات من المرض.

رحلة الشابة المتوفاة "أزهار" يسردها شقيقها رامي الذي بين أن شقيقته تعرضت للحرمان والمضايقة في العلاج بمستشفيات الضفة والقدس أكثر من مرة الأمر الذي فاقم ظرفها الصحي وتسبب بتدهور حالتها.

ويقول هنية لـ "فلسطين" إنّ شقيقته منعت أكثر من مرة من العلاج وكانت في كل مرة تصلها رسالة تفيد بأنها ومرافقيها تحت الفحص، ويجري تأجيل موعد الزيارة إلى المستشفى للعلاج.