فلسطين أون لاين

​معظم الطلبات المرفوضة هي لأشخاص بحاجة ماسة للعلاج

قيود الاحتلال عبر معبر بيت حانون تتسع

...
معبر بيت حانون (أرشيف)
غزة - يحيى اليعقوبي

لم تقف إجراءات الاحتلال بمنع المرضى من السفر نتيجة الرفض الأمني، بل بات يرفضهم اليوم حسب نوعية المرض، إذ يصنف الاحتلال أمراض العيون والأعصاب والعظام، ضمن المعايير العلاجية التي لا يسمح بالسفر لها مهما كانت خطورة الحالة المرضية الأمر الذي يهدد صحة آلاف المرضى في القطاع، فضلا عن القيود وإجراءات الرفض لمرضى السرطان والقلب.

وفرض الاحتلال مؤخرًا إضافة لإجراءاته القديمة المتخذة ضد مرضى ومسافري غزة المتوجهين عبر معبر بيت حانون "ايريز"، إجراءات جديدة منع خلالها المرضى والمسافرين من اصطحاب الحقائب والملابس والأجهزة الإلكترونية، والأغذية، وزجاجات المياه، وحليب الأطفال، أو أي معدات أو كاميرات لازمة للصحفيين أو الأطباء أو المحامين.

رصد انتهاكات

المحامي في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان محمد العلمي يبين أن الاحتلال إضافة للمنع الأمني للمرضى بدأ يرفض المرضى حسب نوعية المرض، ضمن المعايير الإسرائيلية الجديدة التي ترفض سفر مرضى العيون والعظام والأعصاب مهما كانت درجة خطورتها، إضافة لمرضى السرطان والأمراض المستعصية الأخرى، التي تندرج تحت بند التقرير الطبي غير الملائم.

وقال العلمي لصحيفة "فلسطين": "إننا نواجه مشكلة حقيقية اليوم خاصة أن الحالات المرضية التي تريد السفر مثلا من مرضى العيون هي حالات مستعصية لا يوجد لها علاج بغزة، ومنع سفرها يؤدي إلى انعدام النظر وكذلك الحال لمرضى العظام والأعصاب".

والوضع الثاني، كما تابع، يخص المواطنين العاديين والطلبة والأطباء، بحيث يمنع الاحتلال أي طالب اجتاز الثانوية العامة من السفر لجامعات الضفة أو خارج فلسطين، كذلك منع الأطباء الذين يلتقون تدريبا ودروسا بمستشفيات القدس المحتلة والضفة الغربية، بالإضافة إلى منع الصلاة بالمسجد الأقصى، مشيرا أن هذه الاجراءات ليست جديدة ولكن الاحتلال أعاد تجديدها خلال الشهور الماضية.

أما بخصوص المنع الذي طال ما يحتاجه الإنسان لسفره، أفاد أن الاحتلال حدد حقيبة صغيرة لينة من القماش يسمح للمريض بحملها، ولا يسمح بأخذ العلاجات أو الحقائب التي تجر بالعجلات، ولا يسمح حتى للمرضى باصطحاب الملابس أو طعام أو حتى زجاجة مياه، معتبرا، ذلك مشكلة كبيرة تؤرق حياة المسافرين المسموح لهم بالسفر الذين سيضطرون للانتظار على معبر بيت حانون لساعات طويلة.

ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل يمنع الاحتلال كذلك، والكلام للعلمي، المسافر من اصطحاب أي جهاز حاسوب أو هاتف احتياطي، وكذلك يمنع الصحفيين من اصطحاب معداتهم مثل الكاميرات، مستدركا "حتى نحن المحامين حينما نسافر للترافع عن قضايا في محاكم الاحتلال يمنعنا من اصطحاب بعض الأغراض اللازمة لعملنا".

ويحتاج المريض – وفقا للمحامي بالمركز الفلسطيني – حتى لو كان مريضا في العناية المركزة من عمر 16 عاما حتى 55 عاما إلى 50 يوما لانتظار عملية الفحص الأمني له ولمرافقه.

وأشار إلى أن مركزه سجل حالات تتراوح أعمارهم ما بين 65-73 عاما ومصابون بأمراض العظام والعيون، رفضها الاحتلال نظرا لأن نوع المرض مرفوض، مشيرا إلى أن هذه الحالات كانت في السابق تغادر حتى دون انتظار الفحص الأمني.

ويمنع الاحتلال، وما زال الكلام للعلمي، أن يكون الأب مرافقا للمريض من عمر يوم حتى 16 عاما، وإذا كانت الأم فإنها أيضا ستنتظر 50 يوما للفحص الأمني.

وأفاد أن مركزه سجل أمس الأول 43 حالة رفض، و30 حالة قبلها بيوم، مشيرا إلى أن المركز سجل 100 حالة رفض خلال الأسبوع الماضي، على الرغم من تسجيلهم 500 حالة رفض على مدار العام الواحد سابقا.

ولفت إلى تسجيلهم العام الماضي 1020 حالة منها 340 حالة رفض، ومثلهم حالة رد إيجابي، والعدد الآخر قيد المتابعة والفحص، معتبرا أن العام الحالي هو الأسوأ، على مستوى حرية الحركة، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

إجراءات قديمة متجددة

الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان د. فضل المزيني يقول: "إن إجراءات الاحتلال بخصوص التضييق على حركة المرضى من وإلى غزة قديمة تتجدد كل فترة"، معتبرا أن ادعاءات الاحتلال بإدخال تسهيلات على حركة المرضى مزيفة تستهدف قبول العالم للحصار.

وأضاف المزيني لصحيفة "فلسطين": "إن منع المرضى من اصطحاب احتياجاتهم من الغذاء والدواء والأجهزة الإلكترونية، إجراءات قاسية لكن الأقسى منها هو منع المرضى من التحرك بحرية وحرمان نحو 3 آلاف مريض من الحصول على تصاريح للعلاج في المستشفيات بالضفة والاحتلال".

وترفض سلطات الاحتلال، حسب الباحث نفسه، أكثر من 50% من الطلبات المقدمة شهريا من مرضى الحالات المستعصية ولا يوجد لهم علاج بغزة مثل أمراض السرطان والقلب، معتبرا ذلك انتهاكا لحقوق المرضى، والقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يكفل لهم حرية تلقي الخدمات العلاجية وحرية الحصول على أدوية، فضلا عن أن الاحتلال ينتهك حريتهم بالتنقل.

ويحق لجميع سكان قطاع غزة بما فيهم المرضى من الحصول على حقهم، بحرية التنقل، كما أشار، معتبرا أن إغلاق معبر رفح ومعابر الاحتلال، يعني أن مليوني شخص يعيشون في سجن كبير.

ويعاني القطاع من أزمات متعددة، وفق المزيني، أولها أزمة الكهرباء ومنع دخول بعض المعدات التي تحتاجها المستشفيات مما يؤثر عليها ويجعلها عاجزة عن معالجة أمراض بسيطة، عادًا الإجراءات الأخيرة إضافة للأزمات وحكمًا على آلاف المرضى بالموت داخل غزة بسبب عدم قدرتهم الخروج منها.

واستدرك المزيني: "نقوم بتقديم هذه الانتهاكات للمنظمات الدولية لتحميل سلطات الاحتلال التي تنتهك القانون الدولي الإنساني والمجتمع الدولي المسؤولية عن حياة هؤلاء المرضى".

وأشار إلى أن الاحتلال مسؤول عن توفير كافة احتياجات القطاع الأساسية، وعن صحة الأفراد في القطاع، وتوفير الأدوية اللازمة والمعدات لعلاجهم داخل القطاع، ومنحهم تصاريح لسفرهم للعلاج خارج القطاع، بالسماح لهم بالوصول لمستشفيات الضفة والمستشفيات الإسرائيلية.

وأكد أن الاحتلال يرفض معظم حالات الالتماس التي تقدمها المراكز الحقوقية لعلاج مرضى الحالات المستعصية، بحجة عدم انطباق معايير المرور لديهم، مشيرا إلى أن معظم الطلبات المرفوضة هي لأشخاص بحاجة ماسة للعلاج في الخارج.