فلسطين أون لاين

عقب تأجيل الأوروبيين مساهمتهم المالية

تقرير اتهام السلطة بالتخلي عن دعم الفقراء ومطالبتها ببدائل قبل تفاقم الأزمة المعيشية

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

في أعقاب إعلان الاتحاد الأوروبي تأجيل مساهمته لمخصصات الشؤون الاجتماعية، دعا منتفعون واقتصاديون وحقوقيون السلطة في رام الله إلى البحث عن بدائل سريعة لتأمين صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية قبل استفحال أوضاع المنتفعين المعيشية، مشيرين إلى أن ما يحدث هو تخلي السلطة عن مسؤولياتها في دعم الفقراء وانتهاك صريح لحقوقهم.

وعبر الاقتصاديون والحقوقيون عن خشيتهم من محاولة الاتحاد الأوروبي تطبيق سياسة جديدة في مساهماته المالية لخزينة السلطة، تهدف إلى تقليص أعداد المنتفعين من المخصصات تحت ذريعة مخالفتهم معايير الاتحاد الأوروبي "المناهضة للإرهاب".

تفاقم الأوضاع المعيشية

وتصرف وزارة التنمية الاجتماعية مخصصات الشؤون لنحو (111) ألف أسرة، بمبلغ إجمالي (130) مليون شيقل تقريبًا لقطاع غزة والضفة الغربية، بنظام دفعة شهرية تتراوح بين (700-1800) شيقل، لكل أسرة، كل ثلاثة أشهر، لكن دون التزام محدد في المواعيد.

وقد صرفت وزارة التنمية الاجتماعية في رام الله، الدفعة الأخيرة منقوصة بزعم عدم دفع الاتحاد الأوروبي مساهمته، وعلى إثر ذلك صرفت الوزارة (750) شيقلًا لمتلقي المخصصات في الضفة الغربية وقطاع غزة، في العاشر من مايو المنصرم.

ومنذ ذلك الحين والأسر المستفيدة تترقب صرف مخصصاتها حتى خرج مكتب الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية معلنًا تأجيل مساهمة الاتحاد المخصصة لصرف مخصصات الشؤون الاجتماعية للعام المقبل، لأسباب فنية، وهو ما أثار حفيظة المنتفعين والمراقبين

وقال المتحدث باسم مكتب الاتحاد الأوروبي شادي عثمان: سيُؤجل دفع مساهمة الاتحاد الأوروبي لصرف مخصصات الشؤون الاجتماعية للعام المقبل لأسباب فنية لها علاقة بإقرار الميزانية داخل الاتحاد الأوروبي.

وأضاف عثمان لصحيفة "فلسطين"، أن الطواقم العاملة في الاتحاد الأوروبي تسعى لتوفير دفعة مالية لدعم السلطة في دفع رواتب موظفيها في ظل الأزمة المالية التي تواجهها، مرجحًا تقديم الدفعة قبل نهاية العام الجاري.

ولم يُقدم الاتحاد الأوروبي مساهمته السنوية المعتادة للسلطة منذ بداية العام، المقدرة بـ(150) مليون يورو، يخصص منها (60) مليون يورو للمساعدة في صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية، و(90) مليون يورو للمساهمة في صرف رواتب موظفي السلطة، حسب عثمان.

وكان وزير التنمية الاجتماعية برام الله أحمد المجدلاني، صرح أمس، أن وزارته تبذل جهودًا حثيثة بالتعاون مع وزارة المالية لتأمين صرف مخصصات الأسر الفقيرة في أقرب وقت ممكن. وأشار إلى أن حكومة رام الله اضطرت للاقتراض من البنوك لدفع جزء من الدفعة الوحيدة التي صُرِفت للأسر في العام الحالي.

ووقع تصريح الاتحاد الأوروبي كالصاعقة على مسامع الأسر المستفيدة، وخاصة في قطاع غزة المحاصر، إذ تعول الأسر على مخصصات الشؤون الاجتماعية لمساعدتها في ظل تردي الوضع المعيشي.

وعبرت المنتفعة افتخار حسان من مدينة غزة عن انزعاجها من قرار التأجيل، وقالت إنها متخوفة من تأخير جديد لموعد صرف المخصصات وهو ما يسبب لها أزمة في تأمين احتياجاتها وتسديد ديونها.

وتنفق الأرملة حسان وفق حديثها لصحيفة "فلسطين" من مخصص الشؤون على إيجار منزلها، ودفع تكاليف علاج ابنها المعاق.

واعتادت حسان أن تتلقى مبلغ (1100) شيقل في كل دورة برامجية، لكنها تسلمت في مايو المنصرم (750) شيقلًا، وهو مبلغ لم يسعفها على تأمين كل احتياجات أسرتها وتسديد الديون المتراكمة عليها.

انتهاك للحقوق

من جهته عدَّ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، تأجيل صرف المخصصات "انتهاكًا لحق المنتفعين في الحصول على مستوى معيشي ملائم"، مطالبًا السلطة بالبحث عن البدائل قبل استفحال أوضاعهم المعيشية.

وقال مدير وحدة الحقوق الاقتصادية في المركز د. فضل المزيني، إننا ننظر بقلق شديد لاستمرار تأخر صرف مخصصات التنمية الاجتماعية للفقراء، ونلاحظ أن التضحية دائمًا بحقوق الفقراء، وهو انتهاك لحقوقهم في الحصول مستوى معيشي مناسب.

وحث المزيني في حديثه لصحيفة "فلسطين"، السلطة على البحث عن حلول أخرى لصرف تلك المخصصات، عوضًا من المساعدة الأوروبية المؤجلة، كالاستدانة من البنوك المحلية.

وأعرب الحقوقي عن تخوفه من تأزم الوضع المعيشي للمنتفعين، في ظل تأخر صرف المخصصات، وعلى وجه الخصوص لدى الأسر الكبيرة، والتي تُنفق على مرضى وطلبة.

من جهته دعا الاختصاصي الاقتصادي أسامة نوفل السلطة في رام الله للموازنة في نفقاتها بين مخصصات الشؤون الاجتماعية ورواتب الموظفين في ظل إعلان الاتحاد الأوروبي تأجيل مساهمته.

وراء الكواليس

وقال نوفل في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إن السلطة لا تُعطي للفقراء أولوية، إذ إنها توجه ما تتحصل عليه من إيرادات وما تقترضه من البنوك للإنفاق على مؤسساتها ورواتب موظفيها، وتترك مستفيدي الشؤون الاجتماعين في مهب الريح.

ولفت إلى أن تأخر دفع الاتحاد الأوروبي مساهمته المالية لنحو العام، كشف ادعاء السلطة بأن مساهمتها المالية أكبر من الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن السلطة مارست هذا الادعاء على مدار السنوات الماضية وضللت المنتفعين والمجتمع الفلسطيني.

وتوقع نوفل أن يكون تأخر الاتحاد الأوروبي في صرف مساعدته المالية مرتبطًا بسعيه تطبيق سياسة جديدة -بضغط أمريكي إسرائيلي- لمعرفة الجهة الفلسطينية المستفيدة من الأموال الأوروبية، مشيرًا إلى أن ذلك شأنه أن يدفع لقطع المخصصات عن الكثير من الأسر تحت مبرر عدم مطابقتها لـ "شروط الاتحاد الأوروبي المناهضة للإرهاب".