فلسطين أون لاين

تقرير توجُّه حكومة رام الله للاستدانة مجددًا يعمّق تخبطها في إدارة أزماتها الاقتصادية

...
صورة أرشيفية
رام الله-غزة/ رامي رمانة:

تكشف عودة حكومة اشتية إلى الاستدانة مجددًا من البنوك المحلية لتغطية نفقاتها التشغيلية وصرف رواتب موظفيها، تخبّطها في إدارة أزماتها الاقتصادية، ويزيد حجم الدين العام.

ورجّح مراقبون اقتصاديون أن تُواجِه حكومة رام الله أزمة مالية طاحنة الأشهر المقبلة ما لم تُجرِ إصلاحات سريعة توقِف من خلالها هدر المال العام، وكذلك إن استمر الاحتلال الإسرائيلي في الاستقطاع من أموال المقاصة، وواصلت الدول المانحة عزفها عن استئناف دعم السلطة.

وأعلنت حكومة رام الله استدانتها من المصارف المحلية لتغطية رواتب الموظفين العموميين عن شهر يوليو المنصرم، وقد بدأت فعليًّا في صرفها.

يقول الاختصاصي الاقتصادي د.نور أبو الرب: إن الحكومة في رام الله في وضع مالي صعب، وأن توجهها للاستدانة من البنوك إن كان ممكنًا في هذا الوقت لن يصبح كذلك مع الأشهر المقبلة لأن سقف إقراض البنوك للقطاع العام قد وصل إلى ذروته.

وأضاف أبو الرب لصحيفة "فلسطين" كما أن الحكومة لا يمكنها أن تقترض من القطاع الخاص الذي له ديون متراكمة على الحكومة لم يتلقَّها كاملة أو تلقى جزءًا منها، بيد أن نشاط القطاع الخاص تقلص كثيرًا بسبب الإغلاقات المترتبة على جائحة كورونا.

انخفاض التمويل

وأوضح أن حكومة رام الله كانت تعوّل على أن يصل إلى خزينتها مع نهاية العام الجاري (700) مليون دولار من الدول المانحة، لكن لم يصل سوى (5%) من هذا المبلغ، وهو بلا شك يزيد الضغط المالي الذي تواجهه السلطة.

وحسب وزارة المالية في رام الله فإن إجمالي قيمة الدين العام والمتأخرات معًا بلغت (8.4) مليارات دولار بنهاية مارس الماضي، ويتوزع المبلغ بين (4.9) مليارات دولار على شكل متأخرات، وهي ديون بفائدة صفرية مستحقة على الحكومة لصالح موظفي القطاع العام وللقطاع الخاص من موردين وهيئة التقاعد وجهات أخرى.

أما الدين العام المستحق على الحكومة حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، فقد سجّل (3.5) مليارات دولار، بتراجع (2.9%) مقارنة مع الربع الأخير 2020 وزيادة (22.8%) على أساس سنوي.

وتشكل قيمة الدين العام والمتأخرات على الحكومة حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، نحو (61.7%) من الناتج المحلي الإجمالي عن سنة 2020 البالغ (13.6) مليار دولار.

وأوضح الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر أن المصادر الرئيسة للتمويل التي تعتمد عليها السلطة تعرّضت للانخفاض الحاد مما كان لها تداعيات سلبية على الخزينة العامة.

وقال أبو عامر لصحيفة "فلسطين": إن الإيراد المحلي الذي تتحصل عليه الحكومة من جراء الجباية المحلية تقلَّص نتيجة تداعيات جائحة كورونا والإغلاق التجاري بين الفينة والأخرى حيث إن التقديرات تشير إلى تقلصها 20-25%.

وأضاف أن المورد الثاني وهي أموال المقاصة، حيث تعرَّضت للقرصنة الإسرائيلية؛ فالاحتلال استقطع 100 مليون شيقل الشهر الحالي، ويتجه لإقرار قانون يستقطع نصف مليار شيقل من أموال المقاصة بحجة دفع السلطة أموالًا لأسر الشهداء والجرحى والأسرى.

وتابع أبو عامر: "أن العامل الثالث المساعدات الخارجية، فهي متوقفة من الولايات المتحدة الأمريكية ومحدودة جدًا من الدول العربية والاتحاد الأوروبي".

معالجة أزمة بأزمة

وأشار إلى أن الحد الأقصى للاستدانة من المصارف المحلية وصل إلى سقف مرتفع جدا، وأن تجاوزه يشكل خطرًا على أموال المساهمين والمودعين.

وأكد أبو عامر أن السلطة تتخبط في معالجة أزماتها الاقتصادية، فهي تعالج أزمة نقص السيولة النقدية في صرف الرواتب في الاستدانة وبذلك ترفع سقف الدين دون أن تبحث عن بدائل تطرق فيها أبواب المانحين أو تضع حدًا لقرصنة الاحتلال لأموال المقاصة أو حتى إجراء تقشُّف حقيقي في النفقات.

ولفت إلى معالجة السلطة الأزمة بأزمة، فلم تتخذ خطوات من قبل ذلك في مجال تقليص النفقات لموائمة الإيرادات المتوفرة، حيث إنها لا تزال تمارس منهج تضخيم النفقات لذلك هي أمام وضع أكثر سوداوية، مشيرًا إلى أن موازنة الرواتب تستحوذ على (60%) من الموازنة العامة، وهي نسبة مرتفعة لاقتصاد السلطة الناشئ.