سيطر الصليبيون على معظم الأراضي المقدسة بحد السيف، وكان جزء من القوات الصليبية تحت قيادة الأمير الصليبي تنكرد قد اتجه إلى احتلال مدينة نابلس، ولم يصادف صعوبات في تلك المهمة، لأن الخوف والقلق قد سيطرا على سكان المدينة بعد سماعهم أخبار المذبحة الرهيبة التي ارتكبت بحق سكان بيت المقدس، فأرسلوا وفدًا إلى الصليبيين يدعونهم لتسلم المدينة، فتسلمها تنكرد منهم في 5 رمضان سنة 492هـ (25 تموز (يوليو) 1099م)، أي بعد اجتياح القدس بنحو عشرة أيام، ويبدو أن هذا عائد لعدم وجود مقاومة شعبية، ما يدل على أن الكثير من أبناء المقاومة الشعبية في نابلس وغيرها من المدن قد سبق أن اتجهوا إلى القدس للدفاع عنها، وبسقوط القدس تقلصت المقاومة في كثير من المدن الفلسطينية التي منها مدينة نابلس.
ولعل السبب الذي جعل الفرنجة الصليبيين يوافقون على تسلم المدينة دون قتال هو ما أخبرهم به الوفد أن مدينتهم فاحشة الرثاء، ويريدون تجنبيها التدمير.
وسرعان ما احتك الصليبيون بأهل نابلس وأخذوا عنهم عاداتهم وتقاليدهم، فلبسوا الملابس الفاخرة، وقلدوا المسلمين باهتمامهم بأدوات الزينة واستخدام مختلف أنواع الأثاث، كما قلدوا المسلمين بالاستحمام في الحمامات.
وعرف أهل نابلس وقراها مجموعة من المحاكم، أهمها المحكمة العليا والمحكمة البرجوازية ومحكمة المدينة ومحكمة السوق ومحكمة الرئيس، وظهرت في نابلس مجموعة من القوانين حملت اسم قانون نابلس.
ومع حالة نابلس وسيطرة الصليبيين على المنطقة ظهر مجموعة من الأعلام والخطباء الذين تصدوا للصليبيين، وحرضوا الناس على العصيان المدني، وعرف الصليبيون ذلك، وحاولوا القبض عليهم، لكنهم تمكنوا من الفرار إلى دمشق حيث أقاموا بالقرب من جامع أبي صالح وعرفوا بالصالحية.