ترصد الأوساط الإسرائيلية جملة من التطورات التي حصلت لعشرات الآلاف من الفلسطينيين المقيمين في القدس، وتتمثل بإمكانية حصولهم على الجنسية الإسرائيلية، مع أن عددهم في الشطر الشرقي للمدينة المحتلة يصل 330 ألفًا، 15 ألفًا فقط يحملون هذه الجنسية، في حين نشرت وزارة الداخلية الإسرائيلية إجراءً للتقدم بطلب للحصول على الجنسية.
هذا الإجراء الإسرائيلي قد يسمح لعشرات الآلاف من المقدسيين بالحصول على الجنسية دون قيود كبيرة، واللافت أن يتم هذا بعد أكثر من خمسين عامًا من احتلال المدينة، مع أن ثلثهم حاصلون على جوازات أردنية مؤقتة، والثلثين الآخرين ليس لديهم جنسية، ومكانتهم في "إسرائيل" مصنفة بأنها دائمة، وقد يؤدي استخدام هذا الإجراء لتطبيق قسم قديم بقانون المواطنة لتغيير بعلاقة القوى السياسية داخل مجتمع القدس، وعلاقتهم بـ"إسرائيل".
منذ احتلال القدس، لم تُتخذ أي خطوات إسرائيلية لمنح جنسيتها للمقيمين الفلسطينيين، في ظل قلة الاهتمام بهم، والمعارضة الإسرائيلية لمثل هذا التوجُّه، وكذلك امتناع الفلسطينيين أنفسهم عن التقدم بطلب للحصول على الجنسية الإسرائيلية، فهذه الخطوة يمكن تفسيرها على أنها اعتراف بسيادة الاحتلال في المدينة.
أكثر من ذلك، لم تهتم "إسرائيل" بمنح جنسيتها للمقدسيين، وامتنعت المنظمات الدولية عن مطالبتها بمنحهم جنسيتها، لأن المدينة محتلة يُحظر ضمها، والإجراءات المعبِّرة عن السيادة، بما فيها منح الجنسية، ليست شرعية قانونية، مع أنه في العقود الأولى من احتلال القدس، لم يكن لانعدام الجنسية تأثير كبير على حياة المقدسيين.
مرَّت سنوات عديدة، حصل فيها سكان الشطر الشرقي في القدس بمكانة "إقامة كافية"، رغم صعوبة الحفاظ على الإقامة التي دفعت العديد منهم للانتقال إلى أحياء الضواحي خارج حدود البلدية، والقرى النائية، وحتى التسعينيات لم يكن لإعادة التوطين عواقب بعيدة المدى، مع أنه بين "إسرائيل" والضفة الغربية يوجد تسلسل جغرافي يسمح لسكان المدينة بالتنقل بِحُرِّية بين منازلهم في القدس وأماكن العمل والدراسة في الضفة الغربية.
في الانتفاضة الأولى، قيَّدت "إسرائيل" التنقل بين شرقي القدس مع الضفة، وكثَّفت العمل ببناء جدار الفصل العنصري، ولم يعد شرق المدينة والضفة مساحة مشتركة، وقد يؤدي العيش بضواحي المدينة خارج منطقة البلدية لفقدان الإقامة، ثم فقدان الوصول للمدينة ذاتها.
العقبة الرئيسة لمنح الجنسية الإسرائيلية للمقدسيين هي التخلي عن الجنسية السابقة، وإتقان اللغة العبرية، والحاجة لتصريح جهاز الأمن، لأنه ليس طلبًا لدخول "إسرائيل" فقط، بل تجنيس لمن يعيشون فيها، كما يخضع التجنيس لتقدير وزير الداخلية الذي قد يمارس اعتبارات سياسية، وبند جديد يتمثل بمنحها لمن ولد بعد قيام دولة الاحتلال، وليس لديه أي جنسية، سيكون مواطنًا إسرائيليًا، وإذا أقام فيها خمس سنوات متتالية، مع أن مثل هذا الإجراء الإسرائيلي الجديد سيترك تأثيره على هوية ومكانة المجتمع الفلسطيني المقدسي.