الإضراب المفتوح عن الطعام أو ما يعرف بـ "معركة الأمعاء الخاوية"، هو امتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح، فمنذ عام 1969م خاض الأسرى في السجون الإسرائيلية أكثر من 25 إضرابا عن الطعام، والآن لا يزال أكثر من 1800 أسير فلسطيني مضربين عن الطعام لليوم العشرين على التوالي – وهم في تزايد مستمر- في كافة السجون الإسرائيلية رفضا للانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل إدارة سجون الاحتلال التي لا حصر لها ولا عدد، في ظل تنكر دولة الاحتلال الإسرائيلي للمواثيق الدولية ذات العلاقة بالأسرى، حيث تتفنن إدارة السجون الإسرائيلية في ابتداع الأساليب التي تنكد عليهم حياتهم، وتبتدع في اختراق الذرائع لتقليل حقوقهم وسحب الإنجازات التي حققوها عبر سنوات المعاناة والحرمان، لذلك كانت خطة الأسير مروان البرغوثي أن يقوم بنقل هذه المعاناة للعالم الحر الذي ينادي بالحريات وحقوق الإنسان ويتغنى بالقيم والمُثل العليا.
فلا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة العزل الانفرادي بحق الأسرى الفلسطينيين لفرض مزيد من القهر والتنكيل بهم، وينفذ عبر وحداته الخاصة عمليات التفتيش التعسفية في أوقات متأخرة من الليل، والتي غالباً ما يرافقها اعتداء بالضرب، والشتم والاستفزاز، ومصادرة الأجهزة الكهربائية والأغراض الشخصية، هذا عدا عن الإهمال الطبي للأسرى المرضى، والحرمان من الزيارات الدورية، والزج في المعتقل بحجة "الملف السري" أو ما يعرف بالاعتقال الإداري، وغيرها من أساليب التنكيل والتعذيب للأسرى.
فاليوم وبعد مرور (20) يوماً على إضراب الأسرى الفلسطينيين للمطالبة بأبسط حقوقهم الإنسانية نُذكر العالم بمعاناتهم داخل المعتقلات الإسرائيلية والبالغ عددها (23) سجناً، الذين يعيشون في ظروف صعبة وقاسية، ما يقارب (7000 أسير) فلسطيني في ظروف صعبة وقاسية، من بين الأسرى ما يزيد على (320) طفلا قاصرا، وحوالي (58) أسيرة موزعات على سجنى هشارون، والدامون، بينهن (13) أسيرة جريحا، منهن (15) أسيرة قاصرا، وأسيرتان تخضعان للاعتقال الإداري، و(18) أسيرة أمًّا لديهن أبناء، و(4) أسيرات محررات أعاد الاحتلال اختطافهن مرة أخرى، و(29) أسيرة محكومة بأحكام مختلفة، عدد منهن صدرت بحقهن أحكام قاسية ومرتفعة، و(10) أسيرات مريضات يعانين من أمراض مختلفة، ولا يتلقين علاجا مناسبا، وعدد نواب المجلس التشريعي المعتقلين بلغ (13) نائبا، (8 ) منهم يخضعون للاعتقال الإداري وهم يتبعون كتلة التغيير والإصلاح، بينما النائب عن حركة فتح مروان البرغوثي محكوم بالسجن المؤبد (5) مرات، والنائب عن كتلة أبو علي مصطفى، أحمد سعدات محكوم بالسجن لمدة (30) عاما، فيما لا تزال النائب سميرة حلايقة موقوفة وقد علق قرار الإفراج عنها الذي صدر من محكمة عوفر بعد اعتراض النيابة العسكرية عليه، وهناك ما يقارب(1200) أسير مريض، وهم يشكلون ما نسبته (17%) من أعداد الأسرى، بينهم (21) أسيراً يعانون من مرض السرطان القاتل، منهم (34) أسيراً يعانون من إعاقات مختلفة منها النفسية والجسدية، منهم الأسير القاصر جلال الشراونة والذي بُترت قدمه نتيجة إطلاق النار عليه، وهناك عدد من الأسرى يعانون من الفشل الكلوي، فيما لا يزال هنالك (19) أسيرًا مقيمين بشكل دائم فيما يُسمى "مستشفى الرملة" أصحاب أخطر الأمراض والجرحى.
ألا تكفي هذه الأرقام أمام المجتمع الدولي ليتحرك ويتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وأن يمارس دوره الحقيقي في الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان التي وقعها ضمن بروتوكولات رسمية، والضغط على دولة الاحتلال لوقف جرائمها المستمرة بحق الأسرى الفلسطينيين، وتطبيق القانون الدولي الإنساني عليهم.
إن دولة الاحتلال الإسرائيلي ترتكب انتهاكات صارخة لاتفاقية جنيف ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، وإن الدول الموقعة على الاتفاقية ملزمة بالتدخل لضمان احترامها، وعلى العالم أن يتدخل من أجل أن تُطبق (إسرائيل) أحكام الاتفاقية كلها وأن تتقيد بهذه الأحكام، وإذا رفضت ذلك على مجلس الأمن أن يعين قوة حامية بحسب ما تنص عليه الاتفاقية من أجل حماية السكان في الأراضي المحتلة وفق روح الاتفاقية، وإذا ما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" فإن الجمعية العامة مؤهلة للتصرف بناء على قرار الجمعية العامة رقم (377) المعروف بـ: "قرار الاتحاد من أجل السلام"، وذلك من أجل "حماية الذين يشعرون أنهم مهملون ومنسيون من قبل المجتمع الدولي".