فلسطين أون لاين

​لا بد من التدخل النفسي ثم الطبي

تأزم الوضع النفسي قد يُسكِت بعض حواس الإنسان

...
صورة تعبيرية عن تأزم الوضع النفسي
غزة - هدى الدلو

تمر بعض المشاكل على الإنسان مرور الكرام، ولكنها تحدث أثرًا نفسيًا تراكميًا في نفسه دون أن يشعر، فيصبح أي موقف أو مشكلة يسبب ضيقا نفسيا وقد لا يستطيع الشخص تجاوزه بسهولة، فيصبح فريسة للهموم والضيق، ويحمل نفسه فوق طاقاته، فيتعرض بعض الأشخاص لانفعالات شديدة وزائدة لا يقوى الجسم على تحملها فتؤدي إلى إسكات بالحواس.

فما حدث مع علي يونس (24 عامًا) كان كفيلًا أن يوصلها لهذه المرحلة بسبب خلافاته مع عائلته، وضغطهم عليه بصورة لم يحتملها، مما أدى إلى إثارة المشاكل، فاعتقد من حولها أنها مواقف عادية، ولكن كانت لها الأثر النفسي عليه.

وفي يوم أثيرت مشكلة مع والدها على مكان عملها، رغم أنه قبل الارتباط قد أعلمه وأبدى قبوله وعدم ممانعته، ولكن فيما بعد طلب منه عدم الذهاب إلى العمل كما عمل معه في المرات السابقة، فلم يتقبل رأيه وأراد هذه المرة أن يتمرد ويعارض من خلال تركه للبيت ليومين وبعد تدخل إخوته وبعض أقاربه عاد إلى البيت بنفسية مدمرة، ولكنه استيقظ ولم يستطع البوح بكلمة واحدة.

تأثيرات مختلفة

من جهته، تحدث الأخصائي النفسي والتربوي إسماعيل أبو ركاب عن الانفعالات النفسية الزائدة التي تؤدي إلى سكتات بالحواس بأن ذلك هو ما يطلق عليه الأمراض أو الأعراض السيكوباتية، لأن لكل شخص طاقة تحمل يمكن أن تصل إلى حد معين.

وأشار إلى أن هذه الطاقة تختلف مستواها حسب العمر والخبرة وطبيعة الشخصية، فإذا زادت الضغوط النفسية لسبب من الأسباب تعمل الدفاعات النفسية اللاشعورية لإنقاذ الموقف، وهنا تكمن معية الله في اختيار أخف الضررين من المشاكل النفسية ذات الانعكاس العضوي مثل فقدان حاسة الشم أو التذوق أو البصر، أو الذاكرة، أو فقدان القدرة على الكلام.

وقال أبو ركاب: "فالضغوط النفسية والحياتية المستمرة تغير مجري الحياة وتزيد من حجم العبء الفعلي على الأشخاص، فالمنغصات الأسرية والوظيفية والتفكير بالمستقبل يحتل الجزء الأكبر من العبء ومن الضغوط على الأفراد، بالإضافة إلى الأنماط الخاصة بالشخصية مثل الخجل والانطواء والسلبية، والنمط الأسري المتصلب في التربية، كل تلك العوامل المجتمعية لها الدور البارز في التأثير على الذات".

وأوضح أنه لربما الانفعالات ونسبتها والضغوطات النفسية الحياتية تشكل الجزء المحوري في التأثير على الحواس، ولكن لا تؤثر الانفعالات على الحواس بشكل متساوٍ، فكل حاسة ممكن أن تتعطل بطبيعة الموقف، فمثلًا الأم التي رأت أبناءها يتشاجرون بأدوات حادة ولم تتمكن من إيقافهم، فقد تفقد الوعي كميكانيزم دفاعي، وعند محاولة إيقاظها نكتشف أنها فقدت حاسة النظر، لذلك تعطل وتأثر الحاسة مرتبط بطبيعة الموقف.

وبين أبو ركاب أنه لو تم تشخيص تلك الحالات بطريقة صحيحة تكون إمكانية العلاج بشكل أسرع وأفضل، فالتدخل هنا في المقدمة للجانب النفسي، ومن ثم يتم متابعة العلاج بالجانب الطبي كجزء لا يتجزأ من برتوكول التدخل من خلال تقنيات تعمل على تغيير الأفكار ومن ثم الانفعالات، وهذا التغيير سيقود إلى تعديل السلوكيات التي بدورها ستزيل المسبب الحقيقي للمشكلة.

ونوه إلى أنه يكمن دور الأهل في تقوية نمط الشخصية، والاهتمام في الجوانب الخاصة، ولكن إذا وقعت تلك المشكلة فعلى الأهل الانتباه إلى أن فقدان الشعور بحاسة من الحواس بعد موقف معين له دلالات نفسية عميقة يجب الانتباه لها والتوجه الصحيح نحو العلاج النفسي، وهنا تكمن خطورة أخرى وهي كلما تأخر التدخل في العلاج النفسي كلما تفاقمت المشكلة وقل نسبة التحسن.