نرى بعض المسلمين من تهاونوا بالصلاة وأضاعوها تكاسلًا، خاصة أن بعض النساء تتهاون في أداء صلاةٍ إذا خرجت من بيتها فتجدها تخرج دون وضوء، فقد يستغرق مشوارها وقتًا فيضيع عليها وقت أداء الصلاة، أو قد تتحرَّج في أن تتوضأ منتظرةً عودتها إلى البيت، وفي حال خروجها للأماكن العامة تصلي على كرسي لوجود الرجال في المكان، والبعض الآخر من النساء تتخذ رخصة الجمع في الصلاة بعد إضاعتها، فهل يجوز هذا التهاون والتكاسل؟
يستهل الداعية الإسلامي عبد الباري خلة حديثه بقول الله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ"، وقوله أيضًا: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"، وأيضًا: "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ".
وأوضح أن هناك كثيرا من السلف الصالح من اعتبر المنافقين من يصلون في العلانية ولا يصلون في السر، ولهذا قال: {لِلْمُصَلِّينَ} أي: الذين هم من أهل الصلاة وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون، إما عن فعلها بالكلية، وإما عن فعلها في الوقت المُقدر لها شرعًا، فيخرجها عن وقتها بالكلية.
وأضاف خلة: "وإما عن وقتها الأول فيؤخرونها إلى آخره دائمًا أو غالبًا، وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أَوَّلَ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ من عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ".
وعن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ الله على الْعِبَادِ فَمَنْ جاء بِهِنَّ لم يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شيئا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كان له عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ".
وقال خلة: "ولكل ما سبق لا يجوز للمرأة ولا للرجل التكاسل في الصلاة، فلا يجوز إضاعتها بالكلية ولا تأخيرها عن وقتها، لأن من شروط صحتها دخول الوقت وإيقاعها فيه".
وبين أن المرأة التي تخرج للفسحة والاستجمام -وهذا مباحٌ ومشروع لكن بضوابط- فلا يجوز لها أن تترك الصلاة، ولا أن تؤخرها عن وقتها، وكما تعد طعامها وشرابها لا بد أن تعد وضوءها، وأن تعمل جاهدة على أداء الفرائض.
وأشار خلة إلى أن المرأة التي تُضيف غيرها أو تزورها لا بد أن تحافظ على صلواتها ولا تضيعها ولا تؤخرها، فإذا حان وقت الصلاة فلا بد للضيف والمزور أن يبادر إلى أداء الصلاة، ولا ينبغي للمرأة أن تخجل من العبادة بل لا بد أن تكون داعية إلى الله ودالة على الخير.
وتابع حديثه: "ولا يجوز للمرأة أن تصلي على كرسي إلا للضرورة من نحو مرضٍ وكبر سن، كما لا يجوز لها أن تجمع بين الصلوات بحجة خروجها من البيت وعدم رجوعها إلا بعد خروج وقت الصلاة لعدم الضرورة في ذلك".
ولفت خلة إلى أنه سواء كانت الصلاة فرضًا أم نفلًا؛ لكن يجوزُ لها أن تصلي السنن وهي جالسة على الأرض أو الكرسي؛ لفعل النبي صلي الله عليه وسلم، وإن أدت الصلاة بشروطها أمام الرجال الأجانب في الأماكن العامة صحت صلاتها مع الكراهة فلا ينبغي أن يصار إلى الرخصة إلا بشروطها.