فلسطين أون لاين

رفاق الشهيد غانم يجعلون قبره كبوابة نفق للمقاومة

...

رفح - ربيع أبو نقيرة

تَزيّن قبر الشهيد محمد غانم، بلوحة وفاء صنعها رفاقه في كتائب الشهيد عز الدين القسام، حين كسوه بألواح الباطون الخاصة بالأنفاق وأصبح شكله كبوابة نفق من أنفاق المقاومة الفلسطينية.

ويرقد جثمان الشهيد غانم الذي ارتقى في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، في مقبرة الشهداء شرق محافظة رفح جنوبي قطاع غزة.

ويلتفت كل من يدخل المقبرة من الزائرين، لشكل القبر الذي حوله رفاق محمد في مسيرة الجهاد والمقاومة، إلى شكل بوابة نفق، وبحجارة الأنفاق التي لطالما حملها محمد وعمل بها وسقف بها الأنفاق.

قصة وفاء رفاقه له وتزيين قبره بحجارة الأنفاق، بدأت مع محمد نفسه عندما انضم إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام منذ صغره وتنقل بين صفوفها من جندي إلى قائد، وتقلد مسئوليات ومهمات عديدة، من بينها المهمة الأصعب وهي الأنفاق.

ورغم تقلده المسئولية والقيادة في صفوف كتائب القسام، خصوصا في وحدة النخبة القسامية، إلا أنه عمل في حفر الأنفاق لفترة طويلة، وكان الشخص المكلف بفتح عين النفق الأخيرة، برفقة اثنين من إخوانه.

ويقول شقيقه أحمد: "ومع ذلك لم يكن يترك محمد زملاءه ينخرطون في العمل وحدهم بل كان يعمل معهم يدا بيد وبدون تردد". ويتابع: "لذلك جلب رفاقه حجارة قبره من حجارة الأنفاق -سقفية وجدران- التي يستخدمها أفراد وحدة الأنفاق القسامية في تسقيف الأنفاق، وصمموها على شكل بوابة نفق، وفاء له".

وأضاف: "ذلك رسالة لكل من يأتي لزيارته، أنه خرج من بوابة نفقه بعد جهد جهيد إلى الجنة بإذن الله تعالى، ورسالة عرفان له من رفاقه الذين أحبوه لابتسامته الجميلة، وهمته العالية".

وتابع أحمد: "مسئوله في القسام قال لوالدي بعد استشهاده، وزعت مهام محمد على أربعة شباب ليقوموا بها، للدلالة على قدرات محمد العسكرية التي أهلته للقيام بعدة مسئوليات ومهام".

وأكمل حديثه: "حانت ساعة رد الدين، والذي تمثل في جزء بسيط من العمل حينما صمم زملاؤه قبره على شكل بوابة نفق".

وعاد أحمد بذاكرته للوراء ليقول: "دخل (أبو أنس) على منزلنا أول عهده بالقسام وهو ملثم ويحمل جعبته وفي يده عبوة ناسفة منتصف أحد الليالي، وأذكر أن ابي كان ينتظره على أحر من الجمر، فخلع عن وجهه اللثام وقال السلام عليكم، من هذا اليوم أنا في القسام، تريدونني أم أذهب!!، سكت الجميع ثم دار حوار طويل خلص إلى ما خلص إليه".

وتابع: "رحم الله أبا أنس كان لا يتراجع عن مواقفه، ولا يسبقه أحد إلى فعل الخير والعطاء، في وحدات التدريب والإعداد، والأنفاق، والخاصة، والنخبة، والدروع، وغيرها من الوحدات القسامية، حتى إنه كان فاعلا في الدعوة إلى الله".

"رحل وهو مشتاق لأولاده أنس وميس، وكان يقول هذا لرفاقه ممن كتب الله لهم النجاة"، يقول أحمد، ويذكر موقفا عايشه معه في بدايات عمله في القسام، عندما كان يخشى أن يجرح والده الذي لم يكن متقبلا لفكرة عمله بادئ الأمر، قبل أن يسلم بالأمر تسليما مطلقا.

ويتابع حديثه: "كان يتصل بي، لأؤمن له تهريب سلاحه وملابسه، وكانت غرفته مطلة على الشارع، فكنت أنتظر حتى يدخل والدي الى غرفته فأدخل غرفة محمد، وأناوله سلاحه وملابسه من نافذة الغرفة، ليتوجه إلى شجرة العنب خلف المنزل ويرتدي بزته العسكرية ويمتشق سلاحه ويمضي إلى مهامه ورباطه".

ولم يُخفِ غانم تضحية شقيقه بكل ما يملك من أجل الله، حتى إنه كان يتوقع في إحدى الاجتياحات قبل سنوات أن تدخل قوات إسرائيلية خاصة أو قناصة منزلهم والذي كان مرتفعًا ويقع في شرق رفح، فاستعد لتجهيز كمين محكم لتلك القوات في داخل المنزل لكن شاء الله أن لا يحدث اجتياح للمنطقة.