"لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً".. عبارة كتبها الصحفي عبد الهادي حبيب لمتابعيه عبر موقع فيسبوك في 3 أكتوبر 2023، ليعلق عليها صديقه سامح أبو وطفة بعد عدة أيام بالقول: "أحدث أمرا وصرت شهيداً بإذن الله".
واستشهد حبيب وهو محرر فيديو في قناة الأونروا التعليمية التابعة للأمم المتحدة، في 16 أكتوبر في غارة شنتها الطائرات الإسرائيلية على شقته السكنية في حي الزيتون شرق مدينة غزة، ضمن حرب إبادتها الممنهجة ضد الصحفيين الفلسطينيين.
واستشهد مع الصحفي حبيب، زوجته وبناته الخمسة ووالدة زوجته، فيما أصيب عدد من أفراد عائلته بجروح ما بين حرجة ومتوسطة.
وقتلت دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي أكثر من 140 صحفيا بشكل متعمد ومدروس بهدف طمس الراوية الفلسطينية حول معركة طوفان الأقصى.
وقالت زميلته السابقة في قناة الأونروا الصحفية إسراء المدلّل على حسابها على "فيسبوك": "استُشهد عبد الهادي حبيب الذي يعمل في وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة في غزة، إثر قصف إسرائيلي على منزله في حي الزيتون، وكان قد رُزق بطفلة في أول يوم لعملية طوفان الأقصى".
وكان حبيب يعمل محرر فيديو رقمي في قناة الأونروا التعليمية عندما استشهد، فيما كان مديرا لقسم المونتاج التصميم في وكالة المنارة للإعلام بين عامي 2006 و2013، كما عمل في وقت سابق صحفيا في مؤسسة الرسالة الاعلامية بغزة.
وامتاز حبيب في صناعة الوثائقيات والأفلام القصيرة، فكان من أميز الصحفيين الفلسطينيين في هذا المجال، إذ مهر بقدرته على إنتاج هذه الأفلام من الفكرة مرورا بكتابة السيناريو والمونتاج وحتى الإخراج.
وولد عبد الهادي سعد الله رشاد حبيب في مدينة غزة بتاريخ 18 يونيو 1986، وأنهى مرحلة الثانوية العامة من مدرسة تونس الثانوية للبنين في المدينة.
وحصل حبيب على درجة الدبلوم في تخصص الوسائط المتعددة من ذات الكلية عام 2006، فيما نال درجة البكالوريوس في تخصص الإعلام وتكنولوجيا الاتصال من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية – غزة عام 2021.
وكان حبيب مدربا في مجال المونتاج والتصاميم والتحرير، يسعى لتطوير مهارات الطلبة والمهتمين في هذا المجال.
وكانت زوجته الشهيدة رحمة صرصور كتبت منشورا في موقع فيسبوك تحتفل فيه بتخرج زوجها الشهيد من الجامعة، إذ كتبت: "قال تعالى (يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).. أبارك لزوجي الحبيب الغالي عبد الهادي حبيب تخرجه من الجامعة.. كم أنا فخورة بك عزيزي.. أدامك الله لي ذخرا وفخرا وزادك علما ونورا".
ودانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين استشهاد الصحفي حبيب، وقالت في بيان لها: " إن أهالي عشرات الصحفيين "قتلوا ثمنا لمهنة أبنائهم"، فيما دانت لجنة دعم الصحفيين، استهداف الصحفي حبيب.
كما دان الاتحاد الدولي للصحفيين، استشهاد الصحفي حبيب وغيره من الصحفيين الفلسطينيين وقال في بيان له: "إن الخسائر في الأرواح على كلا الجانبين أمر مأساوي، ويشعر الاتحاد الدولي للصحفيين بقلق بالغ إزاء سلامة المدنيين والصحفيين".
وأعربت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، في تصريح لها، عن أسفها لوفاة الصحفي عبد الهادي حبيب.
وقالت: "إنني أُعرب عن أسفي لوفاة عبد الهادي حبيب، وإنني أكرر دعوتي إلى الامتثال إلى القرار رقم 2222/2015 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي ينص على وجوب حماية الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بوسائل الإعلام الذين يغطون النزاعات باعتبارهم مدنيين. وأدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وكامل في ظروف وفاته".
ونعى الأصدقاء والزملاء الشهيد حبيب، ورثوه بكلمات الحزن والأسى على فقدانه، إذ كتب الصحفي محمد أبو شرخ في منشور له عبر فيسبوك: "خلال عملي كمراسل تلفزيوني في غزة كان عبد الهادي هو المسؤول عن المونتاج، غطينا سويا عشرات الاحداث، تقاسمنا اللحظات الصعبة وضغط العمل والسهر ساعات طويلة والدموع والطعام ودائما كانت ابتسامته حاضرة، وتعليقاته تخفف مشقت العمل.. رحمك الله يا صديقي، والشفاء لأفراد عائلتك الذين اصيب الكثير منهم في القصف".