بعد انقضاء المهلة الزمنية المطلوبة لتشكيل الحكومة الإسرائيلية التي طال أمدها، بات واضحا أن السياسيين الإسرائيليين يديرون لعبة اسمها "المواعيد النهائية" لتشكيل الحكومة، وينذرون بالذهاب لانتخابات رابعة.
يأتي ذلك بعد انقضاء المهلة التي منحها الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، لزعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس للاختيار بين جولة جديدة من الانتخابات، أو حكومة وحدة بشروط يديرها بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود.
هذه اللعبة المملة تعني أنه في نهاية كل طريق مسدود هناك ممر للهروب، في كل مفترق طرق يكمن مسار غير معروف من أي حزب، وفي المحصلة فإن الدراما المحيطة بمقر رئيس الوزراء بالقدس المحتلة تجعله بيتا من ورق.
فبعد أن وافق ريفلين على تمديد تفويض غانتس لتشكيل الحكومة، وبالنظر إلى درجة الثقة المنخفضة في قدراته السياسية، وفي المصداقية السياسية لنتنياهو، منحه يومين فقط، 48 ساعة فقط، لكنهما لم ينجحا رغم طول المفاوضات بإبرام صفقة بشأن حكومة وحدة، ما تطلب تلقائيا أن يذهب التفويض للكنيست لمدة 21 يوما أخرى، سنشهد فيها المزيد من التشهير والمؤامرات والدسائس.
إذا لم ينجح أحد بهذا التحدي خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، فستُجري (إسرائيل) جولة رابعة من الانتخابات بين يوليو وأغسطس، وهذا سيناريو لم يكن بوسع أحد على وجه الأرض التنبؤ به قبل عام ونصف العام، فقد استغرق الأمر أكثر من عام، لكن نتنياهو نجح أخيرا بتفكيك حزبه المنافس، بقيادة 3 رؤساء أركان سابقين.
لقد شق نتنياهو وحدة أزرق-أبيض بالطريقة التي يفضلها بدقة استثنائية وعدوانية وخداع، وحسن حظه أنه لا أحد من الخصوم الذين ينهضون ضده على التوالي يتعلمون دروس أسلافهم، بعد أن علم غانتس وأشكنازي أن فرصهما انهارت، وأدركا عدم وجود طريقة للتغلب عليه بصندوق الاقتراع، واقتنعا أن الأفضل لهما التعامل معه للتوصل لاتفاق وحدة، تمهيدا لمغادرة عائلته أخيراً مقر رئاسة الحكومة في القدس.
غانتس أعاقه عدد من المشاكل، بينها السذاجة ونقص الخبرة السياسية، وتوقيته السيئ أيضا، والغريب أنه كانت بين يديه مسودة اتفاق موقعة مع نتنياهو، جلسا معا وتصافحا، اتفاقية التحالف باتت جاهزة، كل ما تبقى هو طباعة أربع نسخ، لكن نتنياهو قرر في النهاية أن "يمتع" نفسه بتفكيك أزرق أبيض، ونجح في مسعاه.
كل ذلك يعني أن فشل توافق غانتس مع نتنياهو في اللحظات الأخيرة لتشكيل حكومتهما المتعثرة يعبد الطريق إلى انتخابات رابعة سيواجه فيها الأخير أجزاء من الأحزاب المفككة والمنافسين الضعفاء، فقد تبدد تهديد أزرق أبيض، وانفصل رؤساء الأركان عن بعضهم البعض، وهو يراها وصفة سحرية لفوزه المحقق!