يتوافق الإسرائيليون، رغم خلافاتهم الشديدة وتبايناتهم الواسعة، على أن الجنرال بيني غانتس، زعيم حزب أزرق-أبيض، خان ناخبيه؛ من خلال انضمامه لبنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود، ورئيس الحكومة الحالية، ورغم ذلك فإن الأخير عازم على الانتقام منه.
ما قد يعزز مثل هذه الفرضية التي تبدو مستعجلة أن نتنياهو قضى على عدد من الجنرالات؛ بإقصائهم عن الحلبة السياسية، وهم إيهود باراك وشاؤول موفاز وموشيه يعلون، واليوم يأتي الدور على بيني غانتس وغابي أشكنازي، اللذين سيحولهما نتنياهو أضحوكة بين الإسرائيليين، حتى يقرر إلقاءهما من محطة القطار التي يستقلها، قبل أن يأتي موعد التناوب على رئاسة الحكومة في سبتمبر 2021.
غانتس بدوره دمر كل ما بناه خلال العام المنصرم بقراره الانضمام لنتنياهو، فحين نصل إلى سبتمبر 2021، موعد بدء التناوب على رئاسة الحكومة مع نتنياهو، سيصل غانتس وأشكنازي لهذا الموعد، وقد تم استنزافهما، بعد أن منحهما نتنياهو وزارتي الحرب والخارجية في حكومة اليمين التي سيقودها.
نتنياهو من الآن فصاعدًا سيحول وجود هذين الجنرالين في هاتين الوزارتين إلى جحيم لا يطاق، وسيقوم بذلك بطريقة مدمرة، وغايته هي القضاء على سيرتهما الذاتية العسكرية، التي من خلالها استطاعا الوصول لهذا المكان، وسيكون حريصا على القيام بذلك قبل موعد الانتخابات القادمة، وربما قبل حلول موعد التناوب على رئاسة الحكومة.
الأمر ليس جديدا على نتنياهو، فقد فعل ذاته مع باراك وموفاز ويعلون واسحق مردخاي، الجنرال الوحيد الذي لم ينجح معه نتنياهو هو أريئيل شارون، لكنه سيكون حريصا في ساعة استحقاق قادمة أن يظهر للجمهور الإسرائيلي "صفر" إنجازات شريكيه الجديدين، غانتس وأشكنازي، والدعاية المهينة التي قام بها أبناء نتنياهو ضدهما لن تتوقف، حتى وهما في ظل شراكتهما لوالدهما.
غانتس سيدير وزارة الخارجية باستمرار علاقاته بالجاليات اليهودية حول العالم، والاتصالات مع الدولة الصغيرة، أما الاتصال بالرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، فستكون حصرية مع نتنياهو، أما أشكنازي بوزارة الحرب، فسيكون من وجهة نظر نتنياهو التوأم الجديد لنفتالي بينيت الوزير المنصرف، مع أن أشكنازي قد ينجح أكثر لاطلاعه على الواقع الأمني العسكري، لكن نتنياهو سيكون له بالمرصاد.
كل ذلك يؤكد أن نتنياهو لا يريد حكومة وحدة، بل حكومة انتقالية، يكون فيها غانتس وأشكنازي تحت إدارته، ولذلك يصعب تصور فقدان الروح القيادية التي أحاطت بغانتس حين قرر الانضمام لنتنياهو، مع أنه دخل الحلبة السياسية لاستبداله، لكنه الآن يجلس تحت إبطه، وحين ألقى غانتس خطابه المؤثر في يناير 2019 عن الحاجة لزعامة أخرى تقود إسرائيل، فقد آن الأوان لأن يلقي الإسرائيليون خطابه هذا في أقرب حاوية قمامة.