فلسطين أون لاين

​بدء إخراج مقاتلي المعارضة السورية من آخر معاقلهم في حمص

...
حمص - (أ ف ب)

بدأت السبت 18-3-2017، عملية إخراج المئات من مقاتلي المعارضة والمدنيين من حي الوعر، أخر معقل للفصائل المقاتلة في مدينة حمص في وسط سوريا، تنفيذا لاتفاق برعاية روسية من شأنه أن يسمح للقوات الحكومية بالسيطرة الكاملة على المدينة.

وشاهد مراسل لـ"فرانس برس" صباح السبت العشرات من مقاتلي الفصائل، يحمل كل منهم سلاحا فرديا، ومن المدنيين بينهم غالبية من الأطفال، وهم يستقلون الحافلات الحكومية الخضراء اللون.

وذكر التلفزيون السوري الرسمي ظهرا أنه "تم خروج أكثر من 150 مسلحاً مع سلاحهم الفردي".

وقال محافظ حمص طلال البرازي لـ"فرانس برس": "من المتوقع اليوم خروج 400 إلى 500 مسلح مع عائلاتهم والتوجه نحو ريف حلب" في شمال سوريا، مؤكداً أنه "لن يبقى سلاح أو مسلحون في حي الوعر".

ويأتي بدء خروج الدفعة الأولى من المقاتلين وعائلاتهم بموجب اتفاق أعلنت الحكومة السورية والفصائل المعارضة التوصل إليه برعاية روسية الثلاثاء، ويقضي بخروج الآلاف من الحي على دفعات عدة خلال فترة أقصاها شهرين.

ويقدر المرصد السوري لحقوق الانسان عدد الأشخاص الذين سيخرجون من الحي بنحو 12 ألف شخص، بينهم 2500 مقاتل.

ويسيطر الجيش السوري منذ بداية أيار/مايو 2014 على مجمل مدينة حمص بعد انسحاب حوالى ألفي عنصر من مقاتلي الفصائل من أحياء المدينة القديمة بموجب تسوية مع الحكومة، إثر عامين من الحصار الخانق والقصف. وإنكفأ المقاتلون الباقون إلى حي الوعر إلى جانب آلاف المدنيين.

وخرج العام الماضي، مئات المقاتلين على ثلاث دفعات، بموجب اتفاق تم التوصل إليه في كانون الأول/ديسمبر 2015، بإشراف الأمم المتحدة، الا أنه لم يتم استكمال تنفيذ بنوده.

وتعرض الحي وهو أخر نقطة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حمص، إلى غارات عنيفة منذ نحو شهر، أوقعت عشرات القتلى، وفق المرصد.

"مساعدة أصدقائنا"

ويشرف عناصر من الشرطة العسكرية الروسية على عملية إخراج المقاتلين وعائلاتهم من الحي، وفق مراسل "فرانس برس" الذي أفاد بوجود سيارات روسية مركونة عند أطراف الحي المحاصر منذ نحو ثلاث سنوات.

وينص الاتفاق على انتشار قوات روسية (بين ستين ومئة عنصر) في الحي من أجل الاشراف على تنفيذ الاتفاق وعلى سلامة السكان الموجودين أو الراغبين بالعودة.

وبحسب البرازي، فإن "الشرطة العسكرية الروسية ستكون مسؤولة عن مرافقة المسلحين وانتقالهم" نحو الشمال السوري.

وأكد عقيد روسي يشرف على تنفيذ الاتفاق في حي الوعر لـ"فرانس برس" السبت أن "الجانب الروسي هو الضامن لتنفيذ الاتفاق" موضحاً "من أجل هذا آتت القوات الروسية إلى سوريا لمساعدة أصدقائنا وعودة الحياة الأمنة إلى هذا البلد".

وتنفذ موسكو، أبرز حلفاء دمشق، حملة جوية في سوريا منذ نهاية أيلول/سبتمبر 2015، مكنت الجيش السوري من طرد مقاتلي المعارضة من معاقل عدة كانت تحت سيطرتهم، أبرزها مدينة حلب في كانون الأول/ديسمبر.

ومن شأن استكمال تنفيذ اتفاق حي الوعر أن يسمح للجيش السوري بالسيطرة الكاملة على مدينة حمص، ثالث اكبر مدن سوريا، والتي كانت تعرف بـ"عاصمة الثورة السورية" عند بداية النزاع قبل ست سنوات، بسبب خروج مظاهرات سلمية كثيفة فيها أنذاك.

باتجاه إدلب وحلب

وبحسب بنود الاتفاق، من المقرر أن يتوجه المقاتلون وعائلاتهم إلى مدينة جرابلس الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا في ريف حلب أو إلى محافظة إدلب (شمال غرب)، التي يسيطر عليها ائتلاف فصائل إسلامية وجهادية.

وتسيطر القوات الحكومية على معظم محافظة حمص باستثناء مناطق في ريف حمص الشمالي تحت سيطرة الفصائل المعارضة، وأخرى في ريف حمص الشرقي حيث يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة بينها حقول نفط وغاز.

وتسعى دمشق بأي ثمن إلى السيطرة على آخر معاقل المعارضة في كل من الرستن وتلبيسة والحولة في ريف حمص الشمالي، وفي الغوطة الشرقية لدمشق.

وعملت الحكومة السورية في الأشهر الأخيرة على التوصل إلى اتفاقات مصالحة عدة في المناطق القريبة من دمشق، أبرزها داريا ومعضمية الشام وقدسيا والهامة.

وتنتقد المعارضة هذه الاتفاقات معتبرة أنها تأتي في سياق "التهجير القسري" للسكان.

ونجحت موسكو في قلب موازين القوى لصالح دمشق منذ بدء عملياتها في سوريا قبل عام ونصف العام، لمساندة الجيش في معاركه ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية في آن معاً.

وتسيطر القوات الحكومية حالياً على نحو 36 في المئة من الأراضي السورية فيما يسيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على 29 في المئة منها ويحتفظ الأكراد بسيطرتهم على 23 في المئة من الأراضي السورية. وتسيطر الفصائل المقاتلة على 12 في المئة فقط.

ويستبق بدء تنفيذ اتفاق حي الوعر، جولة خامسة من المفاوضات المرتقبة بين الحكومة والفصائل في جنيف، حددت الأمم المتحدة موعدها الخميس المقبل.

ولم تنجح المفاوضات حتى الأن بالتوصل الى وضع حد للنزاع الدامي الذي دخل عامه السابع وأسفر عن مقتل اكثر من 320 الف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.