فلسطين أون لاين

يُعلَن الخميس القادم

مخطط تنظيم مخيم اليرموك الجديد.. خطوة جديدة نحو إكمال التشريد!

...
إسطنبول-غزة/ أحمد المصري:

يسعى النظام السوري إلى إحداث تغييرات جذرية في البنية التحتية والفوقية لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق، مستغلًا تغير الخريطة السياسية الجارية وهجرة سكان المخيم بعد تدمير أجزاء كبيرة منه.

صحيفة "فلسطين" وعبر مصادر عدة حصلت على معلومات تؤكد نية النظام السوري إصدار مخطط تنظيمي جديد لمخيم اليرموك، يشمل إزالة أجزاء كبيرة من البيوت والمنشآت المهدمة والقائمة، وإحداث تغييرات كبيرة على ملامح المخيم.

ووفق المعلومات، فإن المخطط الجديد يُسقط اسم المخيم ويعتبره حيًّا من أحياء العاصمة دمشق، ويعمل على دمجه ضمن مشاريع تنظيمية جديدة، في حين عزز حل اللجنة المحليّة لمخيّم اليرموك وإحالة صلاحياتها إلى محافظة دمشق في ديسمبر/ كانون الأول 2018 هذه المعلومات عن المخطط.

عاصمة الشتات

وعلى طول فترة الأحداث في سوريا، تعرض مخيم اليرموك للتدمير بفعل القصف الجوي والصاروخي من قبل النظام السوري الذي ألحق نسب دمار تراوحت بين 70 و90%، ما حوَّل سكانه إلى نازحين مشردين في مدن الداخل السوري، أو دول الطوق المجاور لسوريا، وبعيدًا حيث أوروبا ودول العالم الغربي.

ويعد مخيّم اليرموك عاصمةً للشتات الفلسطيني، وهو الأكبر من حيث المساحة وعدد السكّان، ويعتبر اليوم منطقة عسكريّة مغلقة يُمنع دخولها إلَّا وفق تصريح من قبل المخابرات السورية- فرع فلسطين، محدود بمدة زمنية لا تتجاوز الساعة، لغرض تفقُّد المنازل المدمَّرة بغالبيتها، أمّا التي لم يطلها الدمار بشكل كامل، فيمنع على أصحابها العودة إليها أو ترميمها ولو على نفقتهم الخاصة.

مدير مركز توثيق اللاجئين الفلسطينيين، محمد بدر، يقول إنّ المعلومات الواردة وبشكل قطعي تشير إلى أن النظام السوري سيعلن عن المخطط التنظيمي الجديد الخميس القادم، 2 يناير/ كانون الثاني القادم، وسيُغلف ذلك بحجج الإعمار في حين الحقيقة أنه تغيير جذري للمخيم، مع شطب كامل لاسم المخيم.

وأشار بدر لصحيفة "فلسطين"، إلى أن ممارسات وإرهاصات عدة سابقة للنظام السوري أكدت ما كُشف عنه من معلومات حول المخطط التنظيمي الجديد.

وذكر أن البداية الأولى لخطوة إعادة وجه المخيم ومنع عودته إلى الوضع السابق، تجلت بعد سيطرة النظام عليه في مايو/ أيار 2018، ومنعه لإعادة الإعمار متذرعا بخشيته من إمكانية وقوع الأبنية على السكان ووجود الألغام وعدم رغبته في تحمل المسؤولية.

توجهات مسبقة

ونبه بدر إلى أن المؤشر الآخر لوجود توجهات مسبقة تجاه المخيم، يتعلق في سرقة أفراد وعناصر وضباط النظام السوري ممتلكات اللاجئين وبيوتهم، بعد سيطرتهم على المخيم، مضيفا "من فعل ذلك كان لا يريد لأهل المخيم أن يعودوا لمساكنهم".

وتبع ذلك، وفق مدير مركز توثيق اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، قرار صدر عن رئاسة وزراء النظام في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 بحل اللجنة المحلية في مخيم اليرموك وانتقال ما لها وعليها إلى محافظة دمشق، وهي إشارة لانتفاء صفة الخصوصية عن المخيم، والبدء للانطلاق في التغير الجغرافي والديموغرافي.

وذكر بدر أن المخطط الجديد سيشمل تغييرًا جذريًّا حقيقيًّا، بحيث تحل مكان الأبنية الخاصة أبراج سكنية تضيع حقوق السكان السابقين، في وقت لا يمنح السكان الفلسطينيون ممن بقي في سوريا سوى أسهم قليلة في الأبراج المنتظرة، بحاجة للإكمال عليها ماليًّا لتملك شقة صغيرة، وهي أمور مستحيلة أن تحدث في ظل أوضاعهم المالية المستنزفة.

وتوقع أن يُدمج هذا المخطط مع القانون رقم 10 ليتم قضم حق الفلسطينيين في أملاكهم من خلال خدعة الاستملاك التي هي في الحقيقة عملية استيلاء على الملكيات الخاصة.

وأشار بدر إلى أن ما يرجح عملية الاستهداف للمخيم أكثر، لكون المناطق المجاورة له كـ"يلدا" و"الحجر الأسود" وغيرها، من المناطق التي تعج بالمخالفات العمرانية العشوائية، ولم يشملها أي مخطط تنظيمي جديد.

معاناة مضاعفة

عضو مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا إبراهيم العلي، قال إن المخطط التنظيمي الجديد ينسف المخطط السابق لمخيم اليرموك الذي تم الإعلان عنه عام 2004، واقتطعت النسب المقررة للأملاك العامة والوجائب (الارتدادات) في حينه، في حين من المؤكد أن يغير المخطط الجديد من ملامح المخيم بشكل لا يعطي الفرصة لسكانه بالنظر فيه أو الاعتراض عليه نظرا للأوضاع التي آلت إليه أحوالهم بين مشرد ومهجر.

وأشار العلي لـ"فلسطين" إلى أنه وفي حال تطبيق المخطط فإن ذلك سيستغرق زمنا طويلا يضاعف من معاناة اللاجئين الفلسطينيين ويطيلها، وحتى إن سنحت الفرصة للاجئين بالعودة إلى المخيم فإن الكثير من العائلات قد لا تجد بيوتها التي التهمها المخطط التنظيمي، وسيكون اللاجئ أمام رحلة بحث جديدة عن مكان يؤويه.

وأضاف أن الشكل الجديد بحسب المخطط المسرب للمخيم عبارة عن تجمعات سكانية وأسواق تجارية تغير ملامح المخيم، وبالتالي سيكون أقرب كشكل لأحياء مدينة دمشق، وتغيير جذري من هوية المخيم كشاهد من شواهد قضية اللاجئين الفلسطينيين.

وأكد وجود ارتدادات قاسية على اللاجئين الفلسطينيين الذين يشكلون تقريبًا 220 ألف نسمة، نتيجة المخطط التنظيمي الجديد، حيث سيبقون كمهجرين أو نازحين في ضواحي مدينة دمشق لمرحلة ما بعد إعادة الإعمار، وقد لا يكون لهم في المستقبل موضع قدم في المكان الذي ولدوا وترعرعوا فيه.