فلسطين أون لاين

​في غزة.. صيادون ينثرون شباكهم في المحظور

...
صورة أرشيفية
غزة/ محمد أبو شحمة:

مياه يطغى عليها اللون الأسود الداكن، ورائحة كريهة تنبعث منها لا يستطيع أي إنسان تحملها، هذا هو المشهد عند مصب مياه الصرف الصحي القادمة من وادي غزة وسط القطاع إلى شاطئ البحر، بفعل غياب محطات المعالجة في هذه المنطقة.

وعلى طول 500 متر من هذه المياه الملوثة بالصرف الصحي، ينتشر عدد من الصيادين منذ ساعات الصباح الأولى لاصطياد أسماك من نوع "البوري".

ويعتمد هؤلاء الصيادون، وفق ما رصدت "فلسطين"، على شباك ما يعرف بـ"الطرح" وهي صغيرة الحجم يضعها الصياد بين يديه ويرميها وسط المياه السوداء ويسحبها في الوقت نفسه، على فترات طويلة حتى يعود بالأسماك.

ورغم تنبيهات وزارة الصحة وسلطة البيئة لضرورة عدم الصيد في هذه المنطقة فإن الصيادين يتجاوزون ويواصلون صيد الأسماك وبيعها في الأسواق، لعدد من الزبائن الخاصة بهم، وفق تأكيدات لـ"فلسطين".

وتضخ مياه الصرف الصحي إلى بحر مدينة غزة بعد معالجتها في محطات المعالجة، وفق عطية البرش مدير دائرة الصحة العامة في سلطة جودة البيئة.

"فلسطين" استطلعت آراء عدد من السكان وبعض أصحاب الاستراحات المجاورة لمنطقة وادي غزة، وأكدوا جميعهم أن الصيادين يمارسون الصيد في منطقة ضخ مياه الصرف الصحي القادمة من الوادي يوميًّا.

وأكد شادي الهسي أن الصيادين يصلون إلى منطقة بحر وادي غزة منذ ساعات الصباح، ويتمكن عدد منهم من صيد أسماك "البوري"، ثم يبيعونها إما للسائقين، وإما لزبائنهم دون إخبارهم بأنها تتغذى على مياه الصرف الصحي.

وأوضح الهسي أنه لم يصدف أن شاهد أيًّا من الجهات الرسمية تمنع الصيادين من إلقاء شباكهم في المياه السوداء في بحر وادي غزة.

كذلك يؤكد المواطن إدريس الحمامي أن الصيادين ينتشرون ويصطادون في مياه بحر وادي غزة الملوثة على مرمى ومسمع جميع من يمر من أمام الشارع الرئيس الذي يربط مدينة غزة بجنوبها.

وأوضح أن الصيد لم يتوقف على شباك "الطرح" بل هناك الكثير من المركبات التي تلقي شباكًا كبيرة في المنطقة السوداء من المياه عند دخول ساعات المساء، وصيد كميات من الأسماك وبيعها في الأسواق.

ولهذا التلوث تداعيات على البيئة البحرية، وخاصة على بعض الأسماك (البوري والقاروص) والقشريات (السلطعونات)، التي تمتص الميكروبات الموجودة في المياه وتحتفظ بها في داخلها، وعند تناول الإنسان هذه البحريات فإنها تنتقل إليه مباشرة.

أدهم البسيوني المتحدث باسم الوزارة، أكد أن القانون الأساسي الفلسطيني الخاص بحماية الثروة السمكية ينص بشكل واضح على عدم استخدام الأدوات المخالفة للصيد، وتشمل المناطق الملوثة، وغير الصالحة للصيد من حيث جودة المياه.

وقال البسيوني لصحيفة "فلسطين": "خلال الأوقات السابقة صادرت وزارة الزراعة بالتعاون مع الجهات المختصة شباك الصيادين والمخالفين، وأوقفت عددا منهم، ونفذت القانون ضدهم، بسبب صيدهم في مصبات مياه الصرف الصحي".

وأوضح البسيوني أن وزارة الزراعة تعمل على متابعة الأماكن الممنوع بها الصيد على طول ساحل قطاع غزة، وتفرض شروطاً صارمة للصيد وهو السماح للصيادين بفرض شباكهم بمنطقة تصل مساحتها 500 متر يمينًا ويسارًا من الأماكن التي توجد بها مياه صرف صحي.

وأقر المتحدث باسم وزارة الزراعة بصيد بعض الصيادين في المناطق الممنوعة، ولكن طواقم وزارته بالتنسيق مع الجهات المختصة تعمل على تنفيذ القانون.

المدير العام لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة بهاء الأغا، يؤكد أن مصبات مياه الصرف الصحي الرئيسة والفرعية على طول شاطئ بحر قطاع غزة، يوجد بها تلوث ميكروبيولوجي، ويحظر على الصيادين الصيد بها.

ويقول الأغا لصحيفة "فلسطين": "قد تكون مياه الصرف الصحي التي تُضخ للبحر ملوثة بمواد كيميائية ولكن هذا الاحتمال ضعيف لأن الصناعة في قطاع غزة ضعيفة ولا توجد مخلفات تنتج عنها".

ويوضح الأغا أن مياه الصرف الصحي وحتى لو عالجتها محطات المعالجة وضُخت للبحر، فمن غير المسموح للصيادين بالصيد في تلك المناطق، لكون تلك المياه لا تتم تعالَج بدرجة كاملة.

ويبين أن الأسماك التي يصطادها الصيادون في مصبات مياه الصرف الصحي غير كبيرة ومحدودة، ومعظم الأسماك تصاد في عرض البحر من مراكب الصيادين بمناطق المياه غير الملوثة.